top of page

الحب في زمن التكنولوجيا



يبدوا ان التطور التكنلوجي يأبى أن يترك أي جانب من حياتنا إلا و يقلبه رأسا على عقب حتي الحب و العلاقات العاطفية. فوفق دراسة حديثة قامت بها جامعة "ستانفورد"، وجد ان 40% من العلاقات العاطفية تنشأ من خلال استخدام منصات و تطبيقات التعارف الرقمية . أي أن علاقتين من بين كل خمس علاقات جديدة تنشأ من خلال استخدام هذه المنصات و التطبيقات. و قد اصبحت بذلك تحتل المرتبة الأولى بفارق كبير بين اساليب التعارف الأخرى مثل الأصدقاء و الأهل و زملاء العمل و الجامعة و غيرها من سبل التعارف. و تتوقع تلك الدراسة ان يزيد عدد مستخدمي تلك المنصات عن 276 مليون مستخدم بحلول عام 2024. و جدير بالذكر أنه تم اجراء هذه الدراسة قبل حلول وباء كوفيد 19 ضيفا ثقيلا علينا و ما تبعه من اجراءات التباعد الاجتماعي التي كان لها عظيم الأثر في الإقبال غير المسبوق على كل ما هو رقمي بما فيها تلك الوسائط و التطبيقات. بما يعني أن الأرقام السابق ذكرها قد تكون أقل بكثير من الأرقام الحالية. و لا نستطيع بالطبع أن نغفل الأثر الاقتصادي لهذا الأمر؛ حيث أنه ليس تعارفا مجانيا. فيتوقع أن تصل ايرادات تلك الحلول التكنلوجية للتعارف 2,5 مليار دولار في أمريكا وحدها بحلول عام 2024 .


و لا يقتصر دور التكنلوجيا في الحب و العلاقات العاطفية فقط على توفير تلك المنصات، بل بدأ استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض تلك المنصات مثل “e Harmony” و “Tinder” في تحليل محتوى المحادثات (الدردشة) بين الأحباء المرتقبين لقياس درجة التوافق بينهما ، و بناء عليه إما اقتراح عمل اللقاء الأول أو اجهاض العلاقة في مهدها. و قد امتد استخدام الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير. فقد استخدم مؤخرا في دراسة نشرتها "الأكاديمية الوطنية للعلوم بأمريكا" للتعرف على أهم عوامل نجاح أو فشل العلاقات العاطفية و العلاقة بين درجة الرضا من هذه العلاقات و توافر هذه العوامل، و ذلك للأثر الكبير لدرجة الرضا عن العلاقة على الصحة البدنية و النفسية و النجاح في العمل و جودة رعاية الابناء. فلسنوات طويلة كان الاعتقاد السائد هو ان توافق الشخصيات يعد العامل الأهم في نجاح العلاقات العاطفية و هو ما اعتمدت عليه منصات التعارف الرقمية. و لكن اسفرت هذه الدراسة عن أن اختيار الشخص ليس اهم من نوعية العلاقة التي تبنى معه. فنجاح تلك العلاقات يعتمد أكثر على طبيعة العلاقة و خصائصها و كيفية بنائها أكثر من اعتمادها على نوعية الاشخاص و شخصياتهم و ميولهم. وبعبارة أدق، فقد وجد بأن خصائص العلاقة تسهم بنسبة 45 % في نجاحها، مقابل اسهام توافق الخصائص الشخصية بنسبة 19% فقط في نجاح العلاقة. و قد تربع على رأس خصائص العلاقة المطلوب توافرها لنجاحها بناء العلاقة على الالتزام و الاطمئنان، ثم التقدير المتبادل، ثم عوامل أخرى انصح بقراءتها من الدراسة المتاحة على صفحة الأكاديمية لضيق المساحة.


ُترى هل كان يتخيل "أحمد شوقي" امير الشعراء حين قال " نظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء" ان يأتي اليوم الذي ُتختزل فيه كل تلك المراحل المشوقة للحب في نقرة على الهاتف المحمول؟ لا عزاء لأمير الشعراء و لنا .. و ربما للحب أيضًا !

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page