top of page

العدالة في الأعباء أيضاً


تحتل مصر المرتبة الثامنة عالمياً في سوء توزيع الثروة طبقاً للدراسة التي قام بها بنك" كريدي سويس" الشهير عام 2014، حيث يمتلك 1% من مواطنيها 48.5% من ثروتها. وقد كانت هذه النسبة 32.3% فقط عام 2000، بمعنى أن الفجوة قد ازدادت أتساعاً. كما أنه طبقاً للدراسة التي قامت بها منظمة " إسكوا" “Escwa" فإن الطبقة المتوسطة شهدت تآكلاً ملموساً، حيث تراجعت من 48.5% إلى 44% بحلول سنة 2000 لصالح الطبقة الافقر. ومع الأسف لم أتمكن من الحصول على دراسات أو أرقام تساعد على التوقف على ما حدث للطبقة المتوسطة خلال الثمانية عشر سنه الأخيرة بما شهدته من الكثير من الاحداث الجوهرية والجسيمة. وبالتواز، يشكل الاقتصاد غير الرسمي من غير دافعي الضرائب أكثر من 40% من الناتج المحلى بأكثر من 40 ألف مصنع و2.7 مليون بائع متجول وغيرهم من المنشآت والأفراد. بالطبع، فإن كل ما سبق يعطى دلالة واضحة لقدر الجهد والاهتمام المطلوبين لتطبيق العدالة الاجتماعية، ليس فقط من زاوية توزيع الدخل والموارد، بل أيضا فيما يخص عدالة توزيع الأعباء تحقيقاً لعدم التمييز وضماناً لتكافؤ الفرص.


وبما أن المنظومة الضريبية تعد أحد أهم أدوات تحقيق العدالة الاجتماعية بمفهومها السابق ذكره، فإن وضع وتطبيق هذه المنظومة بأعلى درجة من الفاعلية والكفاءة يعد حجر الزاوية في تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، وهذا بالطبع لا يتأتى الا بالاعتماد على بيانات مدققة ومحدثة. فهل يوجد لدينا على سبيل المثال تعريف واضح للطبقة الفقيرة أو المتوسطة من حيث الدخل مقارنة بالأعباء وقيمة الدعم الذي تحصل عليه كل طبقة، لكي يتم تحديد العبء الضريبي المناسب والعادل على أساسها بعد كل ما شهدناه عقب تعويم العملة ورفع الدعم عن الطاقة وما صاحبهما من ارتفاع كبير في الأسعار ومن ثم انخفاض كبير في القوة الشرائية للأفراد؟ كما أن هناك سؤال آخر يطرح نفسه بعد التعديلات الأخيرة على ضريبة الدخل. فمن جهة، تشمل التعديلات زيادة في الإعفاءات لذوي الدخول المنخفضة وهو أمر محمود ولا خلاف عليه. لكن من جهة أخري انطوت التعديلات علي زيادة العبء الضريبي إلى 25% لمن يصل دخله إلى 500 ألف جنيه سنوياً. فهل يتم ذلك على اعتبار أن تلك الفئة تعد من ذوي الدخول المرتفعة أم المتوسطة؟ وهل تستفيد هذه الطبقة من خدمات التعليم والصحة والمواصلات العامة، والإسكان بل والبطاقة التموينية التي توفرها الدولة ام توفر للدولة هذا الدعم عن طريق تحمل نفقات تلك البنود؟ فبعد خصم الضريبة المقترحة يصبح دخل هذه الفئة 375 ألف جنيه سنوياً. وبعد خصم مصاريف المدارس والدروس الخصوصية قد يصبح 250 ألف جنيه أو أقل، وهكذا تنازلياً بعد خصم باقي البنود السابق ذكرها قد يصل الدخل المتبقي إلى الحد الذي يضعهم في مصاف الفقراء!


إذن ما هي قيمة الدخل المتبقي القابل لإنفاق بعد تغطية كل هذه البنود؟ وهل يضع هذا الدخل المتبقي أصحاب تلك الدخول في مصاف الأغنياء ام مصاف الطبقة الوسطى؟


علماً بان هذا الدخل المتبقي "disposable income" للطبقة المتوسطة يعد المحرك الرئيسي للرواج الاقتصادي وكلما زاد يزداد معه هذا الرواج والعكس. وهل يؤدى ذلك إلى ازدهار تلك الطبقة ام انزلاق جزء منها تدريجياً الى الطبقة الفقيرة مع الارتفاع المطرد في الأسعار؟ وهل من العدالة أن يتم تطبيق زيادة الضرائب عليهم قبل إدماج 40% من الاقتصاد المصري في منظومة الضرائب ليسدد ما عليه، ام لأن هذا هو الحل الاسهل؟ ولماذا لا يتم إعادة تعريف الأغنياء وفرض هذه الضريبة على الأغنياء فقط؟ أو يتم إعفاء الوعاء الضريبي للطبقة المتوسطة من مصاريف المدارس والعلاج التي يتحملها ويوفرها للدولة لإقرار مبدأ العدالة وتشجيعاً لهم وحفظاً لهذه الطبقة من التآكل؟


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page