مصر وڤيتنام
- Amr Kais
- May 19, 2024
- 2 min read

تتشابه ڤيتنام معنا في كثير من الأمور والظروف لكنها تختلف كلياً فيما حققته من نتائج. فمن حيث الظروف كانت تخوض حروباً طاحنة حتى عام 1975. ويبلغ عدد سكانها 89مليون نسمة، نصفهم أقل عمراً من 35 سنه بينما كان يبلغ عدد سكانها 60 مليون فقط عام 1986 وكانت في ذلك الوقت تعتبر من أفقر دول العالم؛ حيث كان دخل الفرد فيها لا يزيد عن 200 دولار سنوياً. أما الآن، فقد تضاعف دخل الفرد أكثر من عشر مرات ليصل إلى6341 دولار في عام 2022. كما بلغت نسبة نمو الناتج القومي الإجمالي السنوي عام 9201 7.3% والذي لم يكن استثناء؛ حيث نجحت في الحفاظ على معدل نمو يتراوح بين 5 و7 % سنوياً لعشرين سنه متواصلة. فيما تجاوزت صادراتها حاليا 384 مليار دولار سنويا، حيث أصبحت الآن أكبر ُمصدر للملابس وثاني أكبر ُمصدر للإلكترونيات في إقليمها الذي يعد أكثر أقاليم العالم تنافسية في تصدير تلك المنتجات لتحتل المركز التاسع عشر عالميا في التصدير. و تعتبر ڤيتنام اليوم القاعدة التصنيعية والتصديرية الرئيسية لكبرى الشركات العالمية مثل "Nike" و "سامسونج" و"L.G." و “أوليمبس" وغيرها.
يعزى المحللون الاقتصاديون في البنك الدولي ومعهد بروكينجز " Brookings" النجاح المطرد المحقق في ڤيتنام إلى 3 عوامل رئيسية. الأول التحرير الكامل والحقيقي للتجارة؛ حيث وقعت ڤيتنام اكثر من 15 إتفاقية للتجارة الحرة. فقد انضمت إلى منطقة "الآسيان" " Asean" للتجارة الحرة، كما وقعت اتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من أمريكا والصين والهند واليابان وكوريا، وهو ما جعل كل من صادرات و واردات فيتنام تتحمل أعباء و جمارك قليله جداً. أما العامل الثاني وراء تلك الطفرة فهو الإصلاح الداخلي ورفع القيود البيروقراطية بالكامل. وقد تطلب ذلك تعديل قانون الاستثمار الأجنبي عدة مرات في ضوء الانصات الشديد والتواصل المستمر مع المستثمر الأجنبي وهو ما أشرت أيضاً إلى أهميته في مقال سابق، وأدى إلى تحسين ترتيب ڤيتنام في تقرير البنك الدولي لسهولة أداء الأعمال من رقم 104 على مستوى العالم عام 2007 إلى رقم 67 عام 2019. علاوة على التغيير الكبير الذي أحدثته في نظامها الضريبي. أما العامل الثالث والأخير، فهو الاستثمار الكبير في الثروة البشرية والبنية الأساسية. فقد أحتل التعليم وخصوصاً التعليم الأساسي المرتبة الأولى في أولويات الدولة. وفي مجال الاستثمار في البنية الأساسية، احتلت البنية التكنولوجية والشمول التكنولوجي قمة الأولويات وذلك لتكون الدولة مؤهلة ومستعدة للمنافسة وبقوة في عصر الثورة الصناعية الرابعة، التي تعتمد اعتماد كلى على استيعاب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وكنتيجة لنمو دخل الفرد في ڤييتنام وارتفاع قدرته الشرائية بدأ السوق والاستهلاك المحلى في النمو المطرد، ويتوقع الخبراء أن يشكل قوة دفع جديدة للدولة إلى جانب التصدير. وبالطبع، أشار الخبراء إلى أنه إلى جانب الثلاثة عوامل الرئيسية السابق ذكرها لنجاح ڤيتنام، فإن قدرتها على الثبات على هذه السياسات والعمل على استدامتها والبناء عليها وعدم التخبط على مدار الوقت مهما تغيرت وجوه المسئولين عنها يعد عاملاً محورياً لهذا النجاح أيضاً.
و لعل ما يبعث على الإعجاب إلى جانب ما حققته فيتنام من إنجازات هو الفكر الإستباقي الذي يتحلى به القائمون على الإقتصاد فيها. فهم لم يركنوا إلى ما حققوه وأدركوا أن إعتمادهم على رخص الأيدي العاملة في جذب الإستثمارات في مجال الصناعات الكثيفة العمالة لن يكفي مستقبلا و لا يليق بطموحاتهم، و هو مع الأسف جل ما نحاول نحن في مصر الإعتماد عليه حاليا في جذب الإستثمارات الأجنبية. فما الذي تخطط له فيتنام لتواجه به المستقبل؟ للحديث بقيه في الأسبوع القادم بإذن الله.
Comentários