اليوم العالمي للابتكار
- Amr Kais
- Apr 26
- 2 min read

على الرغم من مرور آلاف السنين و حتى الآن، بقيت الحيوانات تعيش في الغابات دون تطور، بينما تطور الإنسان من الاختباء في الكهوف إبان العصر الحجري إلى غزو الفضاء في العصر الحديث. ويعزي العلماء هذا التطور إلى الخاصية الرئيسية التي تميز العقل البشري عن عقل الحيوان وهي الابتكار. والابتكار هو القدرة على رؤية عالم لم يأت بعد وأشياء لم توجد بعد والعمل على تحويلها إلى واقع. ولا يعني ذلك بأن الابتكار يرتبط فقط بالاكتشافات والاختراعات الكبرى، بل يمتد ليشمل كافة مناحي الحياة. فتوافر القدرة على الابتكار كان شرطاً لنبوغ «اينشتاين" و "بيكاسو" على حد سواء رغم تباين مجال ابداعهما. و قد حظي موضوع قدرة العقل البشري على الابتكار بنصيب الأسد من الدراسات و الأبحاث العلمية على مدار سنوات نظرا لأهميته الكبرى السابق ذكرها، و أيضًا لقيمته الاقتصادية الكبيرة. فيكفي ان نعلم أن قيمة مبيعات المنتجات التي يعد الابتكار مكون أساسي فيها قد بلغت 33% من اجمالي مبيعات الشركات وقد قدرت بـ 509 مليار دولار عام 2015 ناهيك عن القيمة السوقية للشركات القائمة على قدرة أصحابها الابتكارية في خلق سلع وخدمات لم يعرفها أو يطلبها المستهلك بعد. وعند طرحها تصبح لا غنى عنها. أما الآن، فقد تحول الاهتمام بالابتكار إلى معركة من أجل البقاء في ضوء البدء في إحلال الذكاء الاصطناعي كبديل للإنسان في الكثير من الوظائف، والذي اصبح يسير بوتيرة أسرع بعد وباء الكورونا وتداعياتها. فقد ثبت أن الابتكار هو القدرة العقلية الوحيدة التي لا يمكن إحلالها "بخوارزميات" أو ما يعرف بـ”algorithm” لتبقى في مأمن من هذا الإحلال. و هو ما أدى إلى إعادة تشكيل لسوق العمل ليصبح متمحورا حول الابتكار بدلا من الإنتاجية التي سيتكفل بها الذكاء الاصطناعي. ففي دراسة تحليلية لأكثر من 2 مليون طلب توظيف في 18 مجال مختلف، وجد بأن الابتكار هو القاسم المشترك بين متطلبات شغل أكثر من نصف هذه الوظائف. لذا، لم يكن مستغربا أن يحتل الابتكار قمة المهارات التي ركز عليها "المنتدى الاقتصادي العالمي" في تقريره الأخير حول مستقبل سوق العمل. ولم يكن مستغربا أيضًا أن تخصص الأمم المتحدة يوم 21/4 من كل عام ليكون "اليوم العالمي للابتكار" لنشر الوعي بأهميته.
وقد أسهمت الأبحاث الغزيرة في إلقاء الضوء على اساليب تنمية القدرات العقلية للابتكار والتي تسابقت الكثير من الدول في تطبيقها في مراحل التعليم المختلفة وكذلك في إعادة تدريب العاملين في المجالات المختلفة لإنقاذهم من خطر البطالة. خاصة أن تلك الأبحاث أثبتت أيضًا عدم صحة فرضية توهج القدرة على الابتكار فقط في السن الصغير. فقد تبين وجود ذروتين لتوهج القدرة على الابتكار؛ الأولى في منتصف العشرينات من العمر ويطلق عليها "الابتكار التصوري “conceptual creativity” وهو الابتكار الذي يقلب الطاولة ويتحدى الأعراف والأساليب السائدة والمتعارف عليها.
ومثال ذلك "اينشتاين" و "بيكاسو" و "توماس اليوت" وغيرهم ممن توهجت قدراتهم الابتكارية في العشرينات من العمر. أما الذروة الثانية فهي منتصف الخمسينات ويطلق عليها "الابتكار التجريبي" “experimental creativity” وهو الابتكار المبني على استيعاب الخبرات والنظريات السابقة بما لها وما عليها وابتكار أساليب ورؤى مختلفة.
و لعل "جوجان" الذي رسم أول لوحاته في الاربعينات خير مثال على ذلك بالإضافة إلى العالم "داروين".
نستخلص مما سبق أن الله قد أودع في كل منا عقلا قادرا على الابتكار والإبداع لآخر نفس في عمرنا، ولكن هناك من يقدر هذه النعمة ويعمل على شحذها وتنميتها، و من يتركها نهبا للصدأ أوالتيبس والضمور.
Comments