top of page

الحكمة رزق!

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • Apr 12
  • 2 min read


تتشكل ملامح و تفاصيل حياتنا بشكل كبير بالقرارات التي نتخذها و تتوقف جودة حياتنا على مدى جودة قراراتنا.   فما نحن عليه اليوم ما هو إلا محصلة القرارات الصائبة والخاطئة التي إتخذناها على مدار حياتنا.  فبحسب دراسة قامت بها جامعة "كولومبيا" فإن الإنسان يتخذ في المتوسط 70 قراراً في اليوم الواحد، البعض منها بسيط مثل أي طريق تسلك للوصول للعمل أو أكثر تعقيداً مثل إختيار أو ترك عمل أو شريك للحياة.  وبعضها قد يبدو بسيطاً في ظاهره مثل: ماذا تأكل على العشاء ولكنه قد يؤدى على الأمد الطويل الى التأثير على أمور هامة مثل الحالة الصحية والنفسية. كما يؤدي بالتبعية إلى خلق عادات، السيء منها والجيد منها الحسن والذميم.  ولأن جودة إتخاذ القرارات لها تأثير محوري على حياتنا، فقد كانت دوماً محور اهتمام الكثير من العلماء والمتخصصين.  وقد لخص أحدهم وهو الدكتور "Travis Bradberry" بعض النصائح التي من شأنها رفع مستوى جودة إتخاذ القرارات، وأولها تقليل عدد القرارات الصغيرة والمتكررة التي يتعين على الشخص إتخاذها و تستحوذ على قدر كبير من طاقته الذهنية لتوفير تلك الطاقة للقرارات الأكثر أهمية. فبحسب رؤيته، تتعرض الطاقة الذهنية - شأنها شأن العضلات - للإرهاق وتقل فاعليتها وكفاءتها إذا تم استنزافها بشكل متكرر.  فمثلاً، كان الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" يقول بأنه يتعمد ارتداء الحلل الرمادية والزرقاء فقط ليسهل على نفسه قرار إختيار الملابس وتنسيق الألوان ليوفر طاقته الذهنية للقرارات الأكثر أهمية وتأثيراً.  وكذلك كان يفعل "ستيف جوبز" بلباسه الأسود الشهير.  أما عن البدء باتخاذ القرارات البسيطة في أول اليوم وإرجاء القرارات التي تتطلب المزيد من التفكير لآخر اليوم فهو أكثر الأخطاء شيوعاً.  حيث يجب عمل العكس؛ ذلك أن العقل يكون في قمة صفاؤه ونشاطه في أول اليوم مع قلة وجود الأمور التي من شأنها أن تشتت التركيز مثل: المكالمات والرسائل الهاتفية والإلكترونية.  كما أن الحالة النفسية والمزاجية تلعب دوراً كبيراً في جودة إتخاذ القرار.  فليس من الحكمة أن نتخذ قراراً دائم الأثر في ظل مشاعر مؤقته وزائلة نشعر بها سواء كانت سلبية أو إيجابية.  فذلك يؤثر بشدة على موضوعية تقييم البدائل واتخاذ القرار الصائب.  ويعد ذلك هو التحدي الأكبر إذا علمنا أن 36% فقط من الناس لديهم القدرة على التعرف على حالتهم المزاجية ومشاعرهم الحقيقية طبقاً لإختبار"Talent Smart" الشهير الذي تم إجراؤه على مليون شخص.  كما أن التسرع في هذه الحالة لا ينتج قراراً موضوعياً بل رد فعل لحظي لموقف ما وللحالة المزاجية التي أدى إليها.  وعادة ما يميل الأشخاص في هذه الحالة إلى إختيار بديل والبحث عن القرائن التي تثبت صحة اختياره بدلاً من تقييم البدائل المختلفة بحيادية لإختيار الأصلح.  وهنا تأتى أهمية إستشارة الآخرين للمساعدة على التعرف على زوايا ورؤى مختلفة لأخذها في الاعتبار قبل إتخاذ القرار. ثم نأتي الى أهمية ممارسة الرياضة بإنتظام في جودة اتخاذ القرار. فقد يؤدى الضغط العصبي المصاحب لإتخاذ القرارات الهامة إلى إفراز الجسم لمادة "Cortisol"، التي تؤثر سلبياً على الحالة الذهنية إن لم يتم إستغلالها في المجهود البدني والرياضة. 

أخيراً وليس آخراً، تأتى أهمية التأكد التام من اتساق القرار المزمع تبنيه و تبعاته المتوقعة مع منظومة المبادئ والقيم الخاصة بمتخذ القرار ومع ضميره، كي يتمكن من التعايش مع نتائجه المستقبلية أياً كانت ومهما صعبت.

ولعل محصلة كل ما سبق يسهم في أن يرزقنا الله بنصيب أوفر من الحكمة التي وصفها في كتابه العزيز بالخير الكثير.  بسم الله الرحمن الرحيم   "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الالباب"  صدق الله العظيم.

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page