top of page

ليس عارا

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • May 3
  • 2 min read


من بين الدراسات شديدة الأهمية التي نوقشت في المنتدى الإقتصادي العالمي في نسخته الاخيرة التي انعقدت في الفترة من 20 إلى 24 من يناير الماضي أزمة تدهور الصحة النفسية للمراهقين والشباب. ذلك وإن لم تحظ بما تستحق من تغطية إعلامية بسبب تسلط الأضواء على دونالد ترمب وحالة عدم اليقين والفوضى التي واكبت بداية تسلمه مقاليد الحكم في نفس الشهر. فقد شهدت الصحة النفسية للمراهقين و الشباب الذين يشكلون قوة العمل المستقبلية و يفترض فيهم تشكيل المستقبل، تدهورا شديدا على مدار الثلاثين سنة الأخيرة. ففي أوروبا وأمريكا مثلا، يعاني 20% من المراهقين والشباب من اضطرابات نفسية، تشمل على سبيل المثال لا الحصر: الاكتئاب والقلق وفقدان القدرة على التركيز واضطراب الأكل. بل، أصبح الانتحار في مقدمة مسببات الوفاة للشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 29 سنة. ومع الأسف لا يطلب الكثير من هؤلاء المرضى العون والرعاية الطبية إما لعدم إدراكهم بأنهم مرضى أو خوفا من أن يوصموا بأنهم مرضى نفسيين!  

وقد قدرت التكلفة الاقتصادية لهذه المشكله بـ1,3 تريليون دولار من الإنتاجية المهدرة لهؤلاء المرضى. وتشير الدراسة إلى أن أهم أسباب تفاقم تلك المشكلة الضغوط الأكاديمية الزائدة عن اللزوم وأساليب الكثير من الاختبارات التي تخلق مستويات عالية من التوتر والقلق. وكذلك وسائل التواصل الإجتماعي التي تتسبب في عزلهم عن التفاعل والتواصل الإجتماعي الحقيقي وتخلق ضغوط نفسية بسبب المقارنه بنماذج وأساليب حياة مزيفة لكنها تبدو ناجحة ومثالية. مما يشعر الشباب بالفشل والإحباط عند مقارنة حياتهم بتلك النماذج المزيفة. كما تسهم الصعوبات الاقتصادية في تفاقم هذه المشكلة، لأن المراهقين والشباب الذين يعيشون في بيئة تعاني من الفقر أو عدم الإستقرار الإقتصادي يكونون أكثر عرضة للإضطرابات النفسية.أما عن الحلول التي تم اقتراحها لمواجهة تلك المشكلة فهي أولا تعزيز الوعي ونشر ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية والتخلص من الوصمة المرتبطة بالإضطرابات النفسية، التي تؤدي إلى شعور المصاب بها بالخجل من الافصاح عنها ومن ثم عدم طلب العون والعلاج منها. ثم نأتي إلى تحسين الخدمات الصحية كثاني الحلول، وذلك عن طريق توفير المزيد من الموارد للعيادات النفسية خاصة في المدارس لضمان حصول الشباب على الدعم اللازم. أما ثالثا، فهو إعادة النظر في السياسات التعليمية لتقليل الضغط الأكاديمي وإدراج برامج تعزز الصحة النفسية مثل الرياضة والفنون. وأخيرا، ُينصح بدعم الأسر عن طريق عمل برامج إرشادية للأهل لمساعدتهم في التعرف والتعامل مع المشكلات النفسية لأبنائهم وبناتهم. ولعل الحلول السابق ذكرها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الصحة النفسية للأطفال والمراهقين والشباب ليست مجرد قضية فردية، بل هي مسؤولية مجتمعية تتطلب تعاونًا بين الحكومات، المؤسسات الصحية، والمدارس لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

 

أما عن مصر، فيوجد لدينا المسح القومي للصحة النفسية الذي تم عمله عام 2018، والذي أظهرت نتائجه إصابة 25% من المصريين بإضطرابات نفسية. لكن لم تشر أي جهة أو دراسة في مصر عن نسب وأنواع الإصابة بالأمراض النفسية لدى المراهقين والشباب في مصر. و هو الامر الذي أتمنى أن يكون ناتجا عن تقصير مني في البحث و ليس بسبب عدم وجود تلك الدراسات أو تعمد عدم إتاحتها. وأيا كان السبب، أتصور أن هذا الأمر يستدعي الإهتمام. ولعل نقطة البداية هي عدم تبني سياسة إنكار الواقع وقياس حجم المشكلة ومسبباتها للوصول إلى حلول لها. فالمرض النفسي ليس عارا، والصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة العضوية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمن سيشكلون مستقبل ومصير هذا الوطن.   

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page