top of page

قيم العمل.. عندهم و عندنا

  • عمرو قيس
  • Apr 26, 2016
  • 2 min read

طالما تسائلنا عن سبب نجاح المصريين فى الخارج مقارنة بحالهم فى مصر. و غالباً ما تتوقف درجة تفوقهم فى الخارج على قدرتهم على التكيف والتأقلم واستيعاب قيم العمل السائدة فى تلك البلاد الأجنبية التى يكون لها دور محورى فى إظهار قدراتهم و نبوغهم. لذلك، فليس من المصادفة أن نجد لكل دولة متقدمة قيم عمل إيجابية تميزها عن غيرها.


ففى أمريكا على سبيل المثال، تتميز قيم العمل فيها بتشجيع المبادرات الفردية و توفير مقومات تفوق الأفراد، و الاعتماد التام على النفس و المنافسة والتقدير الشديد لعامل الوقت، و المساواة فى الفرص بغض النظر عن الجنس و العرق و كذلك الإبداع و حب التغيير مع البعد عن النمطية والركود.


أما فى أوروبا، فينظر إلى العمل بأنه السبيل الوحيد لتطور الفرد و رقيه فى المجتمع. فمن جهة، لا يلقى من يحصل على مال دون عمل حقيقى ذو قيمة أى احترام من المجتمع، و من جهة أخري يتساوى فى الاحترام كل من يؤدى عمله بإتقان أياً كان نوع العمل.كما ُيوضع العمل فى كفة متساوية مع الحياة الشخصية من أسرة و صحة و ترفيه و روحانيات فيما ُيعرف اصطلاحاً ب WORK LIFE BALANCE.


و فى اليابان، تتسم قيم العمل بروح الفريق والتواضع والجدية الشديدة ، و اصلاح المشكلة بدلاً من لوم الآخرين عليها والولاء الشديد لمكان العمل التى يطلقون عليها " وظيفة العمر LIFE TIME EMPLOYMENT".


و بطبيعة الحال، لم تأت قيم العمل الايجابية السائدة فى هذه الدول على سبيل المصادفة، بل كانت محصلة كثير من الأبحاث والدراسات التى قام بها متخصصون من علماء الاجتماع المؤسسى بهدف دراسة كافة العوامل الثقافية والدينية والسياسية و الاقتصادية والتاريخية التى يمكن أن يكون لها تأثير فى تشكيل قيم العمل فى المجتمع، لاختيار ما هو إيجابى منها و استبعاد ما هو سلبى. ثم القيام بتسويق تلك القيم الإيجابية والتوعية بأهميتها لكى يتبناها المجتمع ككل و تصبح جزء من الضمير الجمعي الذي يرقي بالأمم أو ينحدر بها.


أما فى مصر، فقد ساهمت الكثير من العوامل فى تشكيل الكثير من قيم العمل السلبية التى نعانى من تبعاتها اليوم مثل الخلل الصارخ بين الحقوق المكتسبة وما يقابلها من واجبات، و التواكل الشديد وعدم الاتقان و عدم استشعار قيمة الجودة و الوقت و غير ذلك مما نلمسه يومياً فى محيط العمل. وهى القيم التى يتربى و يتشبع بها العامل و الموظف المصرى و بالتالى تؤثر على إنتاجيته وكفاءته و قدراته التنافسية و الإبداعية، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد.


كما يجب ألا ُنغفل حقيقة أننا دولة ُمصدرة للعمالة، حيث يوجد أكثر من 2.5 مليون مصرى يعملون فى الخارج و تسهم تحويلاتهم للداخل بقدر كبير فى توفير العملة الأجنبية ودعم الاقتصاد. وعلينا أن ندرك أن الدول المستوردة للعمالة لديها إمكانية استيراد عمالة من دول أخرى، و بالتالى يدخل العامل المصرى فى منافسة مع عمالة بديلة من دول أخرى.وبالتالي، فسفر العامل المصرى متشبعاً بتلك القيم السلبية، يحد من تنافسيته مع نظرائه من الدول الأخرى، و من ثم نفقد فرصتنا فى تصدير العمالة للخارج.


و بناء على ما سبق ، يجب إعادة النظر فى دور وزارة القوى العاملة الذى صار منحصراً فى كسب رضا العاملين و حل أى خلاف ينشأ بين العاملين ومؤسسات الأعمال بالشكل الذى يحقق أكبر شعبية للحكومة. حيث أن العمل على تغيير قيم و ثقافة العمل لدى المصريين يجب أن يكون فى مقدمة أولوياتها و أولويات الحكومة بكافة وزاراتها. بل و كافة مؤسسات الدولة بما فيها مجلس النواب الذى مع كل أسف أجهض أول محاولة لترسيخ قيم العمل الإيجابية برفضه مشروع قانون الخدمة العامة.

コメント


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page