top of page

خذوا الحكمة من " المتدرب"

  • عمرو قيس
  • Oct 27, 2015
  • 2 min read

لا أتصورأن إنسحاب الشباب من المشهد الإنتخابى مؤخراً كان مفاجأة غير متوقعة. ولكن على ما يبدو أنها كانت مفاجأة للأعلام فبدأ بعد الإنتخابات فى تسليط الضوء على هذه الظاهرة بطريقته المعهودة. تارة باستضافة مشايخ الفضائيات ليقروا بأن ما فعله الشباب من عزوف عن الانتخابات يعد عقوقاً للوطن ودليل على عدم قدرتهم على تحمل المسئولية، وتارة باستضافة من يطلقون عليهم الخبراء ليصفوا الشباب بالسلبية وما إلى ذلك من اتهامات قد تصل إلى حد الخيانة.وكأن الشباب ليسو من صنع وتربية آبائهم وأمهاتهم ودون أدنى محاولة لتفهم وجهة نظرهم.

و فى خضم هذا المشهد، وجدتني ألوذ بالفرار إلى احدي دور السينما لمشاهدة أحدث أفلام الممثل العالمى الفذ "روبرت دى نيرو" و هو فيلم "المتدرب". "”The Intern فأتضح لى بعد مشاهدته أنه وثيق الصلة فى مضمونه بذات المشكلة وأنه يحمل فى طياته الكثير من الدروس لرأب الفجوة بين كبار الوطن و شبابه.


تدور القصة حول المدير المتقاعد ذو السبعين عاماً الذى فقد زوجته فيقرر بدافع من إحساسه بالفراغ ، التقدم للعمل كمتدرب فى برنامج ُعد خصيصا لكبار السن أعلنت عنه احدى شركات بيع الأزياء الناجحة والصاعدة عن طريق الإنترنت بغرض الإستفادة من خبرات كبار السن نظراً لصغر سن كل العاملين فى الشركة. وقد أسست هذه الشركة احدى رائدات الأعمال الصغيرات سناً (فى أول الثلاثينات).


ورغم الفارق الكبير فى السن بين المتدرب و العاملين بالشركة و الفجوة التكنولوجية الكبيرة بينه و بينهم الا أنه لم يسمح لسنه المتقدم أن يقف عقبة فى طريق قدرته على الإحتفاظ بذهن متفتح و منفتح على كل ما هو جديد من أفكار و أساليب. بل كان مقتنعاً بأن ما يعرفه ويفعله ليس بالضرورة هو الأفضل دائماً . لذلك، لم يصر فى أى وقت على محاولة تغيير الشباب كي يتماشي أسلوبهم مع قناعاته ، وفى نفس الوقت كان يشجعهم على رؤية الأمور بشكل أعمق وأكثر إنسانية لكى لا تحولهم التكنولوجيا الى عقل بلا قلب.


وعندما ُطلب منه أن يعمل مباشرة مع رئيسة الشركة لم يتحرج من كونها فى عمر أبناؤه ولم يستنكف أن يؤدى أى عمل لمساعدتها مهما كان بسيطاً مثل ترتيب مكتبها، أو تنظيف ملابسها، أو حتى قيادة السيارة لها.و الأهم من كل ذلك، أنه كان مقدراً جداً لموهبتها و تفانيها و مقتنعاً بأن نجاحها ُمستحقاً.


و رغم أنها لم تكن مرحبة على الأطلاق بالتعامل معه لقناعتها الراسخة بأن الكبار سلبيون و معوقون ولا يتفهموا لغة هذا العصر، إلا أنه إستطاع أن يكسب ثقتها و يجعلها تشعر أنها ستتعلم الكثير من عمقه وخبراته السابقة.


وحين وجدته يحاول إكتشاف عالم الفيس بوك، جلست معه لتعلمه كيفية فتح حساب شخصى وكيفية التعامل معه ، وكانت أول صديقة له على حسابه الشخصى لتقربه من عالمها، الى أن أصبحت تستعين بخبراته و تتقبل آرائه بعقل متفتح. ولدهشتها، فقد كان له الفضل فى مساعدتها على إجتياز مرحلة شديدة الصعوبة فى حياتها المهنية و الأسرية بنجاح .


لقد كان السر فى نجاح المتدرب على إجتياز كل الحواجز النفسية بينه وبين المديرة الشابة إدراكه وإقتناعه منذ الوهلة الأولى بأن مكانها هو القيادة و مكانه هو إعطاء المشورة و النصح، فلم يجد في ذلك غضاضة في أي وقت. والأهم، أنه لم يحاول أن يفرض عليها أن تعيش حياتها بأفكاره ، لكن كان تركيزه منصباً على كيفية توظيف فكره وخبراته فى مساعدتها على تحقيق أحلامها الخاصة وخلق المستقبل الذى إختارته لنفسها بثبات و تميزولعل هذا ما يجب أن يقوم به كبارنا نحو شبابنا. فقد آن الآوان كي يصبحوا هم المتدربين، ولا عيب فى ذلك لكن العيب كل العيب فيما دونه.

Comentarios


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page