الدولة الرهينه للدولة العميقة
- عمرو قيس
- Jan 26, 2016
- 2 min read
عندما كنت عضواً بمجلس إدارة أحد البنوك الكبرى المملوكة للدولة، تم القبض على أحد الموظفين متلبساً بسرقه خزينه أحد الفروع و من َثم تمت محاكمته وسجنه، وبالطبع قام البنك بفصله .
لكن المدهش أنه عندما خرج الموظف من السجن قام بمقاضاة البنك متهماً إدارته بفصله فصلاً تعسفياً طبقاً لمواد القانون، وصدر لصالحه حكم بإعادته لوظيفته فى البنك ، بل وعندما لم تعيده إدارة البنك إلى وظيفته حصل الموظف المختلس على حكم بحبس رئيس مجلس إدارة البنك، مما إضطر إدارة البنك إلى التفاوض مع الموظف اللص وإعطاؤه مبلغ من المال مقابل تقديمه إستقالته وتنازله عن تلك القضايا لكى لا يضطر البنك إلى إعادة موظف مختلس إلى العمل فى بنك يفترض فيه أن يكون ُمؤتمن على أموال مودعيه.
تحضرني هذة الواقعة بشدة و أنا أتابع رفض مجلس الشعب بالأغلبية قانون الخدمة المدنية الجديد، و هو الرفض الذي يعد إمتداد لعملية إحتجاز الدولة مع فرصها في صناعة مستقبل مزدهر لها رهينة لدي بيروقراطية الدولة العميقة و قيم العمل الفاسدة الخاصة بها و بالمنتفعين منها لسنوات طويلة .
فقد إستطاعت تلك القوي منذ سنوات أن تجعل من الخصخصة مرادفاً لنهب مقدرات وأصول الشعب متجاهلة الكثير من تجارب الخصخصة الناجحة ,بدلاً من التركيز علي سلبيات بعض عمليات الخصخصة والتغلب عليها .
كما إستطاعت أن ُتجهض أي محاولات إصلاح حقيقية لقانون العمل ليكون مشجعاً للمستثمرين ومتوازناً فيما يخص حقوق العاملين والمنشأة . نفس الشئ تكرر عند محاوله إصلاح أهم عنصر من عناصر التعليم وهو المعلم عن طريق تقييم وإعتماد المدرس للتأكد من صلاحيته و كفاءته ومنع الدروس الخصوصية. كما لم تسلم محاولة إصلاح المؤسسة الإعلامية المملوكة للدولة من ذات المصير.
وعلي نفس المنوال، تم اخيراً إجهاض قانون الخدمة المدنية الذى أرسى متاخراً جداً مبادئ أساسية ومنطقية لتنظيم العمل العام . فمن ينكر أو يعترض على أهمية أن يكون الأجر مقابل العمل؟ أو أن تكون الإجادة والتفوق أساساً للترقية و زيادة الراتب؟ أو أن تكون الوظائف القيادية محددة المدة لإعطاء الفرصة والأمل للأجيال الجديده فى إعتلاء تلك المناصب ؟
كنت أتمنى أن يخرج علينا كل من إعترض على هذا القانون بأسباب إعتراضه، و إن كنت أشك أن الكثير من المعترضين قد قرأوه فى الأساس. إنما هو دوماً ابتزاز أصحاب المصالح و الخوف من مواجهة المستفيدين من فساد منظومة وقيم العمل لسنوات طويلة.
وبما أن التوازن بين الصلاحيات و المسئوليات يعد من أساسيات الإدارة ، فكيف سيحاسب مجلس الشعب الحكومة على فساد مؤسسات الدولة و سوء إدارتها وهو فى ذات الوقت يغل يدها عن المفسدين و المهملين و المتقاعسين برفض هذا القانون؟ كيف سيطلب منها تطوير أداء الجهاز الإدارى للدولة وهو يقبل المساواة بين الذين يعملون و الذين لا يعملون؟
بالطبع لا تعد الحكومة بريئة تماماً من الفشل فى تسويق هذا القانون و خلق رأى عام مساند له. فمثلاً لم َيُجز لها فى َمعرض الدفاع عن القانون أن ُتصرح لبعض الفئات المعترضة أنها مستثناه من القانون على سبيل الطمأنة ، وكأنه أعتراف ضمنى منها بأن هذا القانون معيب و مرعب و كأنه "أمنا الغوله".
من يخلص الدولة الرهينة من الدوله العميقه؟ وكيف السبيل؟
Commentaires