الدفاتر القديمة
- عمرو قيس
- Mar 8, 2016
- 2 min read
تحاول الحكومة جاهدة في ضوء انخفاض موارد الدولة السيطرة علي العجز الكمي في موازنة الدولة و هو الفرق بين موارد الدولة و أوجه إنفاقها و إحتياجاتها المختلفة .
أما العجز النوعي فهو الفجوة بين جودة و مواصفات الخدمة المقدمة للمواطن (كنتيجة لهذا الإنفاق الحكومي) و معايير الجودة العالمية لهذه الخدمات.وكلما زاد العجز النوعي زاد معه العجز الكمي ،لأن العجز النوعي يعني أن الإنفاق يتم دون فاعلية و دون تحقيق الهدف منه، مما يتطلب المزيد من الإنفاق لتعويض عدم كفاءته .و رغم ذلك، ينصب تركيز الحكومة دائماً علي تقليل العجز الكمي أكثر من تقليل العجز النوعي و رفع كفاءة و فاعلية الإنفاق.
و لعل أكثر الفجوات الكمية و النوعية خطورة ،ما يخص بندي التعليم و الصحة ،حيث يمكن أن نعزي و دون مبالغة كافة ما يواجهنا من مشاكل و تحديات للقصور الشديد في الموارد المخصصة لهذين البندين و كذلك لعدم كفاءة الإنفاق فيهما . و في هذا الصدد،فقد اجتهد الوزراء المتعاقبين كل بفكره و مجهوده ،و لكن كعادتنا ,كلما أتي مسئول جديد يحاول تغيير أو محو ما قام به المسئول الذى سبقه ربما لظنه بأن ما قام به المسئول السابق هو ما أدي إلي الغضب عليه و تغييره ، أو ربما من باب التشاؤم . و ذلك علي عكس ما ينصح به المثل الشعبي الشهير الذي ينصح بالبحث في الدفاتر القديمة عند مواجهة مواقف صعبة !!
لكن النهج السابق لا يقلل من قيمة ما تقدم به بعض المسئولين السابقين من حلول لتقليل نوعي العجز.فعلي سبيل المثال طرح الدكتور يوسف بطرس غالي في الماضي مشروعاً لتقليل العجز الكمي من خلال تحفيز القطاع الخاص للإستثمار في بناء المدارس و المستشفيات، علي أن تقوم الحكومة بتأجيرها علي المدى الطويل إيجار مجز للقطاع الخاص .و بذلك تتحمل الموازنة السنوية للدولة فقط القيمة الإيجارية لهذه المباني بدلاً من تحمل القيمة الإستثمارية لبنائها .فيتم بناء عدد أكبر من المدارس و المستشفيات في حيز زمني أقل مع التقليل من العبء الذي تتحمله الموازنه العامه للدوله ، هذا بالإضافة الي المنافع الإقتصاديه الأخري مثل زيادة التشغيل و خلق فرص عمل إلخ .
أما الدكتور مدحت حسانين، فقد أدلي بدلوه في محاولة تقليل الفجوة النوعية عن طريق تحديد مواصفات و معايير جودة الخدمات الصحية و التعليم الواجب الالتزام بها . مع فتح الباب للمؤسسات الخاصة العاملة في هذين المجالين لتوفير خدماتهما للمواطنين طبقاً لهذه المواصفات و المعايير و الحصول علي مقابل هذه الخدمات من موازنة الدولة . و بذلك يتم تعويض العجز في توفير المدارس و المستشفيات الحكومية عن طريق إستغلال الطاقات المتاحة في المدارس و المستشفيات الخاصة مع منحها مقابل مجزي .و أيضاً يفتح ذلك باب المنافسة بين المنشآت العامة و الخاصة للارتقاء بمستوي خدماتهما مع إطلاق حرية المواطنين في المفاضلة بينهما .
إن دفاترنا القديمة تحوي أفكار قيمة للكثيرين ممن اجتهدوا لخدمة و طنهم في مجالات عدة .. فلم لا نعود إليها للاستفادة منها و تقدير لمن اجتهد ؟
コメント