top of page

نلومهم أم نلوم أنفسنا

  • عمرو قيس
  • Jul 5, 2016
  • 2 min read

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشتكى عقوق إبنه، فدعا عمر الإبن و أباه فقال الإبن: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على والده؟ قال بلى، قال ما هى؟ فقال عمر: أن يحسن إسمه، و ينتقى أمه و يعلمه تلاوة القرآن .فقال الإبن: إن أبى لم يفعل شيئاً من هذا ، أما أمى فكانت من المجوس ، و أما إسمى فقد سمانى جعلا(و هو إسم حشره سيئه من الحشرات) ثم إنه لم يعلمنى حرفاً واحداً من كتاب الله عز و جل. فألتفت عمر إلى أبيه وقال: لقد جئت تشكو إلى عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسئ إليك.


تحضرني هذه القصة الشديدة البلاغه وتقفز إلى ذهني كلما ُوجِّهت سهام النقد وارتفعت أصوات اللوم على الشباب ونعتهم بكل ما هو سلبي بدءً بالرعونة وانتهاءً بالخيانة.


ولعل آخر فصول تلك الهجمة على الشباب ما شهدناه كرد فعل على غضب الشباب من مهزلة تسريب إمتحانات الثانوية العامة والتي وصلت إلى حد القبض على البعض منهم وكأنهم هم الذين باعوا وسربوا الامتحانات، وكأن ما حدث لهم شيء عادى لا يستحق منهم التعبير عن أى غضب أو إحباط.


وبتأمل مغزى القصة السابقة علينا أن نسأل أنفسنا أولاً ماذا قدمنا للشباب قبل أن نلومهم، ويجب أن ندرك أن ما نرفضه ونستهجنه فيهم ما هو إلا من صنعنا.


فنظام التربية والتعليم الفاشل إدارة، ومحتوى وقيماً والذي من المفترض أن يكون عماد تنمية الشباب هو ثمرة ُصنعنا وليس َصنيعهم. وبالقياس، فالمؤسسة الدينية والتي لم تنجح في مواجهة غزو الأفكار المتطرفة والسلبية لعقول الشباب وعجزت عن تجديد الخطاب الديني بما يتماشى مع روح ومتطلبات العصر، هي وِزر لا يتحمله الشباب.


أما فيما يخص دور الإعلام، فحدث ولا حرج؛ فمع غياب إعلام الدولة أصبح الشباب فريسة للإعلام الغير مؤهل على الإطلاق مهنياً وأخلاقياً. حيث تاهت الحقائق بين الأكاذيب وعلت مصالح المنتفعين فوق الصالح العام، وطفت البذاءات على السطح بدلاً من المثل والقيم، وتصدر المشهد الإعلامي أسوأ من فينا من الأفاقين وأنصاف المتعلمين ليشكلوا منظومة القيم الجديدة فى المجتمع بمعايير مشوهة لمفهوم القدوة للشباب.

و لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للفن .. تلك القوة الناعمة التى طالما شكلت وجدان الشباب. ويكفي أن تتشبع من مشاهدة بعض مسلسلات رمضان ثم تشاهد الإعلانات والتنويهات عن أحد أفلام العيد الوشيك لتدرك ماذا نقدم بالضبط لهؤلاء الشباب من رسائل و مبادىء و على ماذا نلومهم الآن و فيما بعد و بأي وجه؟


وعلاوة علي ما سبق و علي الصعوبات المزمنة التي يواجهها الشباب فى مقتبل حياتهم مثل الحصول على فرصة عمل أو سكن. لا يمكننا أن نتناسى تركة ديون الدولة الثقيلة التي ستضطرهم ربما لعدة أجيال أن يفنوا عمرهم للتمكن من سدادها، رغم أن قرار الحصول علي تلك القروض و عدم كفاءة استخدامها لم يكن ذنبهم .


ورغم كل ما سبق من عثرات و احباطات استطاع الكثير من شبابنا التفوق و النبوغ في عدة مجالات ، متخطين شباب الكثير من الدول التى وفرت لشبابها ما عجزنا نحن عن توفيره لشبابنا.


لكن للأسف ، لم يشفع ذلك لهم و لم يرفع الظلم الواقع عليهم منا كأفراد و كمؤسسات وكمجتمع.


لقد آن الأوان كى نكفر عن أخطاء كثيرة أرتكبت فى حق الشباب، و أن ننحاز للمستقبل و نراهن عليهم .. فهم جل ما نملك.

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page