top of page

العائد الاقتصادي للضمير



من أسوأ الآفات التي تصيب الأشخاص والمجتمعات على حد سواء الخلط بين العرض والمرض، فينصب التركيز والجهد على محاولة إزالة وعلاج العرض دون التعامل مع الأسباب الجذرية للمشكلة وهي المرض.

ولعل أسلوبنا في التعامل مع الفقر وقلة موارد الدولة خير مثال علي تلك الآفة. حيث تتركز الجهود في الجباية بكافة صورها الجبرية والطوعية لزيادة الموارد مع إغفال تام للأسباب المباشرة للفقر وهي الجهل وسوء التعليم وغياب الضمير ومحاولة التعامل معهما. وقد كثر الحديث عن أهمية النهوض بالتعليم ولكنه كان ضجيجاً بلا طحن . كما أننا لم نلمس حتي حينه خطوات جادة لإصلاحه و التي و إن تمت ستحتاج وقتاً طويلاً لتؤتي ثمارها. أما غياب الضمير فلم يحظ بأي إهتمام قولاً كان أو فعلاً، ربما بسبب عدم رغبتنا في الإعتراف بالتناقض الشديد بين مظاهر التدين التي نحرص عليها وسلوكياتنا. وربما أيضاً بسبب عدم استبصار العلاقة بين الفقر وغياب الضمير، و بالتالي المردود الاقتصادي الإيجابي الناتج عن ايقاظ الضمير بمفهومه الحقيقي في وجدان المجتمع.


ولتوضيح هذه العلاقة، نفترض أننا قد قررنا تخصيص يوم واحد في العام باسم "يوم الضمير" إستشعاراً منا بأهمية الضمير في حياتنا على غرار الأيام الأخرى، مثل يوم البيئة، أو المياه، أو المساواة، أو حتى يوم الأرض. حيث يطلب من المصريين أن يستشعروا ضمائرهم في كل أفعالهم لمدة يوم واحد فقط في العام!! فما هو المردود الإقتصادي لذلك؟


إن الناتج الإجمالي المحلي السنوي لمصر حالياً يقرب من ال 330 مليار دولار وهو محصله متوسط عمل 30 دقيقه لكل عامل مصري في اليوم حسب أخر دراسة للاتحاد العربي للتنمية الإدارية. فإذا قمنا بالعمل في يوم الضمير 7 ساعات بدلاً من 30 دقيقة فإن الناتج الإجمالي سوف يزيد 11.7 مليار دولار فقط في هذا اليوم.و بما أن الخسائر السنوية التي نتكبدها بسبب الفساد سنوياً لا تقل عن 300 مليار جنيه حسب أكثر الدراسات تفاؤلاً، فإن يوم الضمير سيوفر مليار جنيه أخري في حال توقف الفساد ليوم واحد .أما إذا فرض و أن راعينا ضمائرنا في إحترام قواعد المرور في يوم الضمير فسوف نتجنب وفاة 70 مواطن و هو معدل الوفيات و الإصابات اليومية علي الطرق المصرية، علاوة علي توفير أكثر من 84 مليون جنيه خسائر يوميه أيضاً. وبالإضافة الي ما سبق، فإن يوم الضمير سيكون له فوائد أخري عديدة، فمن المؤكد أنه سيقلل من ال240 حالة طلاق تحدث يومياً و سيشهد إختفاء الكثير من الوجوه الإعلامية وإحتجاب الكثير من القنوات الفضائية في ذلك اليوم و لن أبالغ في توقع إنعكاس ذلك أيضاً علي اختيار مسئولينا بضمير لأنه في اغلب الأحوال سيتم تأجيل قرار إختيارهم ليوم أخر!!.


وبما أن كل ما سبق هو محصلة إعمال ضمائرنا ليوم واحد فقط في العام فلم لا يتحول شعار "صبح علي مصر بجنيه" إلى "صبح علي مصر بضمير" لعل وعسى.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page