top of page

كي لا ننسى



كم هي كثيرة تلك الأحداث اليومية الخاصة والعامة التي تستولي على جل إهتمامنا ووقتنا وجهدنا في محاولة تحليلها والتعليق عليها ومحاولة حلها في معزل عن رؤية الصورة الكاملة. ففي الشأن العام، لدينا أزمات في السلع الرئيسية تارة وغلاء الأسعار تارة، وسعر الدولار تارة، إلى آخره من الأحداث. ولعل آخر هذه الأحداث التعديل الوزاري الأخير الذي تم منذ أيام قليلة، والذي تناوله الكثيرون بالنقد والتحليل؛ إما من زاوية الوزراء الذين يتوجب تغييرهم أو بقائهم، أو الوزارات التي يفضل دمجها، أو مدى ملائمة وكفاءة الوزراء الذين تم اختيارهم عوضاَ عمن خرجوا.


ولعل خبر التعديل الوزاري لم يعد خبراً في الأساس لكثرة التعديلات الوزارية التي شهدناها في الفترة الأخيرة، والتي تفرض تساؤلاً مشروعاً حول ضمان إستمرارية العمل بالإستراتيجيات متوسطة وطويلة الأجل وضمان عدم التخبط في السياسات في ضوء تلك التعديلات الكثيرة، خاصة مع وجود سوابق تاريخية مؤلمة في هذا الشأن في كل المجالات ولعل أشهرها والأكثر طرافة إلغاء العام السادس للمرحلة الابتدائية وعودتها على سبيل المثال وليس الحصر. فمثلاً، شهد التعديل الوزاري الأخير خروج وزير التخطيط، وهو الراعي لرؤية مصر 2030، فهل يعنى هذا إلغاء او إعادة النظر في هذه الرؤية؟ قد يجيب البعض بأنها رؤية الحكومة مكتملة وليست رؤية وزير. فماذا لو كان قد تم تغيير رئيس الوزراء والوزارة بالكامل؟ بل وماذا سيحدث عند انتخاب رئيس جمهورية جديد وفق ما ينص عليه الدستور عاجلاً أو اجلاً؟


فإذا ما قررنا استثناءً هذه المرة ألا نستغرق في تفاصيل التعديل الوزاري والتأمل ومحاولة رؤية الصورة الكاملة، قد نجد إننا بالفعل قد قمنا بإعادة بناء الكثير من مؤسسات الدولة بعد الثورتين بغض النظر عن رضانا عن أدائها، ولكن توجد مؤسسات رغم عدم تبعيتها المباشرة للدولة تعد غائبة تماماً رغم أهميتها الشديدة ليس فقط لضمان إستمرارية السياسات والإستراتيجيات كما سبق ذكره ولكن لأنها يفترض أن تكون المصدر الرئيسى لصناعة هذه الرؤى و الإستراتيجيات والسياسات وتسويقها للشعب، ولأنها الأساس في الممارسة السياسية المشروعة والسليمة، ولأنها الوعاء الأساسى لإحتواء العمل السياسى للشباب، ألا وهى الأحزاب السياسية.

فعلى أرض الواقع، لا توجد أحزاب سياسية لها أي تأثير في اى مجال سواء القديم منها أو الحديث التكوين. فمن الأحزاب القديمة والعريقة مثلاً حزب الوفد الذي نعتز جميعا بتاريخه في العمل الوطني، إلا أنه قد دخل الثلاجة منذ فتره طويلة إما بفعل الخلافات والإنقسامات أو بفعل القائمين عليه أو بفعل أسباب أخرى لا أدعى الإلمام بها. ومن الأحزاب الجديدة التي كانت ُمبشرة، حزب المصريين الأحرار الذي إنقسم على نفسه مؤخراً.


وبغض النظر عما إذا كانت عودة الحياة الحزبية الثرية تعد مسئولية القائمين عليها أو مؤسسات الدولة أو كلاهما، فيجب ألا ننسى في غمار الانغماس في التفاصيل العودة للأساسيات وإدراك أن بناء مؤسسات الدولة لم يكتمل بعد.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page