الذكاء الجماعي
- عمرو قيس
- Mar 14, 2017
- 2 min read

استكمالاً لحديث سابق عن القمة العالمية للحكومات ودورها في خلق منصة لتبادل المعرفة والابتكار في مجال العمل الحكومي وإمكانية استفادة الحكومة المصرية منها استوقفني خبر تأسيس مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي الذي يتبع معهد ستانفورد الدولي للأبحاث، والمنوط بإصدار تقريراً سنوياً ُيركز فيه على الشروط المسبقة Pre-requisites الواجب توافرها لتحقيق الابتكار في العمل الحكومي ليصبح منهجاً وركيزة أساسية في أسلوب عملها.كما يستعرض أهم الحلول المبتكرة التي قامت بها الحكومات المختلفة في العالم لمواجهة المشاكل والتحديات التي تواجهها والتي ُتمكنها من توفير حياة وخدمة أفضل لمواطنيها.
و باستعراض التقرير المذكور، نجد أن أهم و أول شروط تحقيق الابتكار في العمل الحكومي هو تفعيل الذكاء الجماعي في اتخاذ القرارات والابتكار بدلاً من انفراد مسئولي الدولة باتخاذ القرارات التي تؤثر علي حياة المواطنين اعتماداً على ذكائهم الفردي الذى قد يخونهم أحياناً.ويتم ذلك عن طريق خلق قنوات تسمح للحكومة بالاستفادة من أفكار وآراء مختلف فئات المجتمع في اتخاذ القرارات وحل المشكلات . ولا شك أن التطور التكنولوجي الذي نعيشه يسمح بتحقيق ذلك بسهولة وكفاءة شديدة إذا ُأحسن استغلاله. والشرط الثاني هو إتاحة البيانات للجمهور من ِقبل الحكومة وتسهيل استخدامها عن طريق عمل منصات مفتوحة للبيانات لكي تتوفر هذه البيانات للمبتكرين من الأفراد و المستثمرين علي حد سواء.
و قد استوقفتني الحلول المبتكرة التي تبنتها حكومة موزمبيق لمجابهة مشكلة الألغام و الكشف عن المتفجرات، كوننا نعاني في مصر من مشكلة مشابهة تقف حجر عثرة أمام تنمية منطقة الساحل الشمالي و سيناء: حيث قامت باستغلال حاسة الشم القوية لدى الفئران الصحراوية عن طريق عمل برنامج تدريبي علمي متخصص لمدة تسعة أشهر لهذه الفئران لتستطيع شم مادة ال تي إن تي المستخدمة في صناعة المتفجرات والألغام الأرضية .حيث ُوجد أن هذا الأسلوب في الكشف على الألغام يتفوق على الأسلوب التقليدي باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن والتي لا تستطيع الكشف عن المتفجرات ذات العبوات البلاستيكية كما أن الأسلوب التقليدي يستغرق من يوم إلى أربعة أيام لتغطية مساحة 200 متر، بينما يستغرق الفئران 20 دقيقه فقط لتغطية نفس المساحة .هذا بالإضافة إلى عامل السلامة وتقليل المخاطر، حيث أن خفة وزن الفئران لا تتسبب في انفجار الألغام. وقد بدأت هذه التجربة عام 2003 وقد تم منذ ذلك الحين العثور على 13294 لغم وتنظيف 11 مليون متر مربع من الألغام إلى أن تم إعلان موزمبيق عام 2015 دوله خالية من الألغام.
و قد شمل التقرير علاوة علي ما سبق ابتكارات قامت بها دول عديدة مثل تنزانيا ورواندا والمكسيك وأمريكا والصين والإمارات والبرتغال وغيرها، مما يجعله جديراً بالقراءة المتأنية من القيادات الحكومية في مصر، و محفزا للقائمين عليها ليس فقط بتبني بعض الأفكار الواردة به بل و البدء في الاستفادة من الذكاء الجماعي المصري الذي بالقطع لا يقل عن الذكاء الجماعي لهذه الدول التي توصف حكوماتها اليوم بأنها مبتكرة.
Comments