عالم الـ 4G وعالم الـ 5G
تتأهب شركات الاتصالات العاملة في مصر فنياً وتسويقياً لتوفير خدمة الـ 4G لعملائها. فمن الناحية الفنية، هناك التجارب التي تجرى والتي نعانى بسببها من عدم استقرار في مستوى الخدمة وجودتها، وكذلك المفاوضات الخاصة بالترددات والموافقات الأمنية. أما من الناحية التسويقية، ففي ضوء السرعة الإضافية التي ستوفرها ال 4G تستعد تلك الشركات لتقديم خدمات جديدة مكملة لمشتركيها لم تكن قادرة على توفيرها من قبل بغرض زيادة إيراداتها ومن ثم أرباحها.
يحدث هذا في الوقت الذي يتأهب فيه العالم في غضون عامين على الأكثر لإحلال ال 5G بدلاً من ال 4G المطروح للمستخدمين منذ عام 2011. وهو بالطبع تأهب يتناسب مع ما سيقوم به ال 5G من تغيير في كافة أوجه حياتنا.
فمن الناحية التقنية، يكفي أن نعلم أن سرعة ال 4G في نقل البيانات تبلغ 1 جيجابيت في الثانية، بينما تبلغ سرعة الـ5G عشر جيجابيت في الثانية، أي عشرة أضعاف سرعة ال 4G.
أما من الناحية الاقتصادية، فحسب الدراسات التي قامت بها مؤسسة IHS MARKIT للأبحاث، فيتوقع أن يسهم ال 5G في دخل قدره 3.5 تريليون دولار من عام 2020 إلى عام 2035 ، وكذلك خلق أكثر من 22 مليون فرصة عمل. لذلك سوف يتم استثمار 200 مليار دولار في تلك المرحلة الانتقالية سنوياً حيث يبلغ نصيب أمريكا منها 28%، والصين 23%، واليابان 11%، وألمانيا 4%، وإنجلترا 3%.
وبالطبع، لا يقتصر تأثير ال 5G في حياتنا على قدرته في تحميل أي فيلم HD في أقل من ثانية، حيث ُيتوقع مع حلول العام 2021 أن يتصل أكثر من 12 مليار جهاز به، ربعهم إما سيارات بدون سائق أو طائرات بلا طيار أو أجهزة صناعية وطبية. حيث تعكف حالياً كبرى شركات السيارات مثل شركة DAIMLER المصنعة لمرسيدس بالتعاون مع كبرى الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا مثل إريكسون وهواوى وإنتل ونوكيا على صناعة السيارات التي ستتمكن بفضل تقنية ال 5G من التواصل مع السيارات الأخرى ومع إشارات المرور وتبادل المعلومات عن سرعتها وحالة الطرق والحالة المرورية.وفى المجال الطبي، سيتمكن الطبيب الجراح في أمريكا مثلاً من إجراء عملية لمريض في جنوب إفريقيا عن طريق استخدام معدات طبية موصلة عن طريق ال 5G وستقوم الثلاجة المنزلية المزودة بخاصية ال 5G بطلب اللبن وأي صنف آخر من السوبر ماركت عند نفاذة. ضف على ذلك َتمكننا من رؤية الخرائط وأفلام الفيديو على نظاراتنا الطبية بدلاً من شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول.
والمدهش أن كل ما سبق قد أصبح إلى حد كبير واقعاً أكثر منه استشراقا للمستقبل؛ حيث ستبدأ في صيف 2017 الجاري شركتي AT&T وVERIZON تجارب ال 5G على بعض المدن المختارة في أمريكا، وستتم تجارب مماثلة في مطلع العام القادم في استراليا وكوريا الجنوبية وبعض الدول الأخرى.
ختاماً، أعتذر لأصدقائي الأعزاء في شركات الاتصالات إن كنت قد أفسدت عليهم فرحتهم بال 4G!!
