top of page

أحداث بعيدة وتبعات قريبة

  • عمرو قيس
  • May 9, 2017
  • 2 min read


عندما إندلعت الحرب الكورية التي إستمرت من عام 1950 حتى عام 1953، لم تحظ في ذلك الوقت باهتمام ومتابعة إعلام ومواطنى مصر وذلك على غرار الدول الأخرى في المنطقة العربية، رغم مما خلفته هذه الحرب من ضحايا تجاوزوا الـ 2.7 مليون كورى و800000 صيني و33000 أمريكي. يرجع ذلك ربما بسبب البعد الشديد في المسافة بيننا وبينهم، وربما لأن وسائل الإتصال والإعلام لم تكن في ذلك الوقت بالمستوى الذي نحن عليه اليوم.ولكن السبب الأهم هو أنه رغم فداحة خسائر تلك الحرب، إلا أنه لم يتكبدها سوى الأطراف المتحاربة.


الآن، ومع تصاعد التوتر بين أمريكا وكوريا الشمالية بشكل غير مسبوق مع احتمال وقوع مواجهه عسكرية، نجد أيضاً الاهتمام بهذا الامر متواضع جداً بشكل لا يتناسب مع التبعات الخطيرة لهذه الحرب ليس فقط على أطرافها ولكن على العالم بأسره بما فيه مصر، التي انحصر صدي الأزمة بها فقط في التهكم على رعونة كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية ودونالد ترامب رئيس أمريكا.


للتعرف على تبعات هذه الحرب المحتملة، يجب أولا أن نعلم بأن خيار الضربات الاستباقية المحدودة أو حتى الغزو القصير الأمد من قبل أمريكا مثل غزوها للعراق غير وارد في هذه الحالة. حيث يكفي أن نعلم بأن الصواريخ الموجهة حالياً صوب كوريا الجنوبية لا تحتاج سوى أقل من 45 ثانيه لتضرب قلب سيول عاصمة كوريا الجنوبية. لذلك، فان التقدير المتفائل من قبل الخبراء العسكريين في البنتاجون لخسائر مثل هذه العملية لا يقل عن مليون قتيل و1 تريليون دولار خسائر ولن تستغرق فترة أقل من ستة أشهر.


أما ما يجب أن نعلمه ثانياً فهو أثر تلك الحرب علينا وعلى العالم. فعلى بعد 25 ميل فقط من الحدود الكورية يقع أكبر مركز لصناعة السفن في العالم، والذي يصنع ناقلات الغاز المسال العملاقة. فمن 229 ناقلة غاز مسال تم تصنيعها عالمياً منذ عام 2008 قام هذا المركز بتصنيع 191 منها. وبالطبع، سيكون هذا المركز أول الأهداف التدميرية لكوريا الشمالية، لكونه أيضاً المورد الرئيسي للسفن الحربية والغواصات للجيش الكوري الجنوبى. و سيتسبب ذلك في أزمة طاحنة في نقل الغاز من أماكن إنتاجه إلى أسواق إستهلاكه. كما أن مصانع كورية الجنوبية المستهدفة من قبل صواريخ كيم جونج أون تنتج أكثر من ثلثي رقائق الكمبيوتر وأشباه الموصلات وذاكرات الكمبيوتر المنتجة علي مستوي العالم. وتعد أيضاً المورد الرئيسى والوحيد لشاشات OLED والمصنع ل 40% من شاشات LCD في العالم. هذا بخلاف صناعة الأدوية والسيارات بالطبع. أما عمن يملك كل كروت حل وتعقيد المشكلة فهو و بلا شك الصين التي تمد كوريا الشمالية بأكثر من 85% من إحتياجاتها في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على الأخيرة ومن ثم لها الكلمة العليا عليها.


ختاماً، ومما سبق يتضح لنا بأن ذلك الثقل العالمى والنجاح الكبير الذي إستطاعت كوريا الجنوبية تحقيقه بجداره بعد الدمار الذي لحق بها في حربها السابقة هو ما جعل العالم يحبس أنفاسه الآن وهو يتابع بإهتمام شديد تطورات هذه الأزمة، بينما نحن نتابعه بسخريتنا المعتادة.

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page