top of page

الذكاء الاصطناعي والمصطنع



استكمالا لحديث الأسبوع الماضي حول أهمية التخطيط بناءً على ما سوف يكون عليه المستقبل وليس الحاضر، يمكننا القول أن هذا المبدأ لا يقتصر علي مجال صناعة السيارات ومتغيراتها بل ينطبق على الإنسان نفسه. حيث ُتعنى استراتيجيات التعليم والتدريب بإعداد الانسان وتأهيله طبقاً لاحتياجات سوق العمل المستقبلية، التي تشهد أيضاً تغيراً جذرياً لا يقل عما يتوقع أن نشهده في كافة المجالات الأخرى. ويعود الفضل في ذلك إلى ما بات ُيعرف بالذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence).


فالمعنى العام للذكاء الاصطناعي هو تنمية برامج وأنظمة كمبيوتر قادرة على محاكاة الذكاء الإنساني، ومن ثم يكون لديها القدرة على القيام بالأعمال والمهام التي تتطلب تفكير وذكاء من الانسان لإنجازها. وبالتالي لا يقتصر استثمار الذكاء الاصطناعي على تلك التطبيقات التي بدأنا نألف استخدامها مثل خواص التعرف على الأشخاص والأصوات والوجوه والترجمة وغيرها، لكنه أصبح بديلاً ومنافساً للذكاء البشري في كل المجالات: كالطيران والإرشاد الجوي والمحاكاة والتعليم والتدريس.


بل امتد لمجال الطب لإجراء العمليات الجراحية والتشخيص، وكذلك إدارة الموارد البشرية والخدمات المصرفية والتسويق وخدمة العملاء، وحتى مجال التأليف الموسيقي. أما في مجال الصناعات الثقيلة والصناعة بوجه عام فقد صار لتطبيقات الذكاء الاصطناعي شأن وشأو. وليس أدل على ذلك من التطور المتسارع في مجال السيارات ذاتية القيادة باستخدام الذكاء الاصطناعي.


ومع وضع كل ما سبق في الاعتبار، ربطت كثير من المراكز البحثية بين التطور في مجال الذكاء الاصطناعي و تطوير انسان آلي قادرا - بفضل خاصية الذكاء الاصطناعي تلك - علي إحلال العنصر البشري في بعض الوظائف الحالية التي ُيتوقع انقراضها مستقبلا. مما يستدعي إعادة التدريب والتأهيل لشاغلي هذه الوظائف ليتمكنوا من القيام بأعمال أخرى كي لا تكون البطالة مصيرهم.


فحسب دراسة قامت بها جامعة أكسفورد، فإن 47% من الوظائف الحالية سيتم إحلالها باستخدام الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2033. وبالطبع تختلف درجة إحلال الذكاء الاصطناعي محل العنصر البشري من وظيفة الى أخرى. فمثلاً تزيد القدرة على الاحلال عن 90% لوظائف مراكز الاتصال "Call Centers " وموظفي الاستقبال وحفظ وفهرسة الكتب وصيانة وإصلاح أعطال الكمبيوتر. وطبقاً لدراسة مؤسسة "جالوب" فإن 37% من جيل الألفية "Millennials" مهددين بالبطالة إذا لم يتم تدريبهم ليصبحوا مؤهلين لعصر الذكاء الاصطناعي.

وكما ذكرنا من قبل، ففي طيات كل تهديد هناك دوما فرصة ثمينة: فرغم خطر انقراض وظائف هناك أمل في ميلاد وظائف أخري جديدة مرتبطة بهذه التكنلوجيا تشمل على سبيل المثال: إعداد البرمجيات والصيانة والتدريب والتطوير وغيرها من ملايين الوظائف لمن يستعد للمستقبل من الآن ولديه القدرة على استيعاب هذه التكنولوجيا الجديدة.


لقد أصبح الذكاء الاصطناعي المحاكي للذكاء الإنساني واقعاً نعيشه. لكن طالما أن "الذكاء المصطنع" والمعروف " بالفهلوه" لم يتم محاكاته بعد، فلنا أن نأمن على المستقبل وننام ملء جفوننا!

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page