top of page

شوف شغلك



نادره جداً هي الأبحاث التي ُتجري في مصر والعالم العربي في مجال علم النفس المؤسسي بأماكن العمل للتعرف على الحالة والمشكلات النفسية التي يتعرض لها العاملين والتي يكون من شأنها التأثير على إنتاجيتهم. وكذا، العادات والثقافة السائدة بمحيط العمل وأثرها على العاملين وعلى قدرة المؤسسات في تحقيق أهدافها. وبالطبع لا يقتصر دور هذه الأبحاث فقط على التعرف على هذه المشكلات، بل يمتد إلى اقتراح الحلول وتجربتها على أرض الواقع وهو الأهم.


على سبيل المثال، عندما قام الاتحاد العربي للتنمية الإدارية منذ وقت غير بعيد بعمل دراسة كشفت عن أن متوسط زمن العمل الفعلي للعامل العربي 30 دقيقة يومياً، كانت تلك النتيجة الصادمة محل تندر الكثيرين ومادة خصبة للكثير من النكات وتوقف الأمر عند هذا الحد. فلم يمثل ذلك حافزاً كافياً للمراكز البحثية والجامعات لعمل المزيد من الدراسات للتعرف على أسباب تلك النتيجة المؤسفة والتي تهدر من اقتصاد مصر 11.7 مليار دولار يومياً وهي قيمة إنتاجية العامل إذا عمل 7 ساعات يومياً بدلاً من 30 دقيقة. وكذلك الوقوف على الأنشطة الأخرى غير المنتجة التي َيهدر فيها العامل وقته لمحاولة طرح الحلول لهذه المشكلة.



وعلى النقيض عالمياً، قامت الدنيا ولم تقعد عندما قامت "مؤسسة فوربس" بإجراء دراسة لذات الغرض، والتي اعترف فيها 89% من عينة البحث بإضاعتهم لبعض من وقت العمل، حيث وجد أن 62% يهدرون ساعة كاملة يومياً من وقت العمل، بينما يهدر 16% ساعتين يومياً. وقد كان ذلك حافزاً للبحث عن أسباب تلك الظاهرة، فوجد أن النميمة تأتي في مقدمة أسباب إضاعة الوقت بنسبة 42%، يليها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض شخصية بنسبة 38%، ثم الزيارات الشخصية للموظفين بعضهم لبعض بنسبة 23%. وقد ترتب على تلك النتائج طرح حلول وسياسات جديدة للحد من هذا الإهدار للوقت وموارد المؤسسات دون أن يؤدي ذلك إلى التأثير بالسلب على معنويات العاملين وبيئة العمل والشق الاجتماعي الواجب توافره بين أفراد فريق العمل.


لو تخيلنا اجراء مثل الدراسة للتعرف على أسباب اهدار وقت العمل لدينا مقارنة بهم فكم ستكون النسبة المئوية لإهدار الوقت في النميمة والزيارات الشخصية في مجتمعنا؟! وهل سنجد نفس الأسباب أم أننا سنكتشف أسباب أخرى غير موجودة لديهم؟ فمثلاً ما هو مقدار الوقت الذي يقضيه الموظف لدينا للاضطلاع بمسؤولياته ومهامه الوظيفية مقارنة بالوقت الذي يقضيه لإرضاء رؤسائه فيما لا يتعلق بالعمل، أو بمعنى أخرى في التملق لرؤسائه؟ وكم من الوقت يقضيه الموظف لدينا في تأمين احتفاظه بوظيفته عن طريق اتباع سياسات ملتوية فيما ُيعرف بالـ “workplace politics “؟ وهل ُيلام الموظف على ذلك أم ُتلام الإدارة لتشجيعها ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ليصبح ذلك تدريجياً جزء من ثقافة وقيم تلك المؤسسة؟


لا شك أن هذا الشأن يستحق أن ينتقل من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق من خلال البحث والدراسات الملائمة أملاً في الوصول لحلول ناجحة للأمراض الاجتماعية والنفسية التي انتشرت في مؤسساتنا. "عشان نشوف شغلنا بقي"!

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page