تشابه أم تطابق؟!

بعد سنوات من الازدهار والنمو، دخل الاستثمار العقاري نفقاً شديد الظلمة في الهند. حيث تسابقت الشركات الرائدة في هذا المجال في الحصول على قروض من البنوك بفوائد مرتفعة لتكوين بنك من الأراضي المتميزة لعمل تجمعات سكنية تستهدف الطبقات العليا في المجتمع. ومع مرور الوقت بدأ الطلب من هذه الطبقة في الانخفاض كنتيجة طبيعية لزيادة العرض عن الطلب، بالإضافة الي موجة التضخم وارتفاع الأسعار التي أدت الي عدم قدرة الكثيرين من المنتمين لهذه الطبقة على الشراء بسبب انخفاض قدرتهم الشرائية. في ذات الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة مواد البناء بشكل ملموس، وهو ما أوقع هذه الشركات في أزمة سيولة شديدة لم تمكنها من الالتزام بالبرنامج الزمني لإتمام مشروعاتها ومن ثم لم يتسلم عملاء هذه الشركات وحداتهم في الأوقات المتعاقد عليها. وهو ما أدي بدوره الي فقدان الثقة في هذه الشركات وفي هذا القطاع ككل. فماذا كانت النتيجة؟

انخفضت أسعار العقارات للمستوي الذي كانت عليه منذ سبع سنوات مضت، وبلغت قيمة ديون شركات العقارات للجهاز المصرفي المشكوك في تحصيلها 126 مليار دولار. وبالطبع لجأ عملاء هذه الشركات إلى القضاء لإجبار الشركات العقارية على تسليم الوحدات أو رد الأموال. وكان ضمن هذه الشركات أكبر ثلاث شركات استثمار عقاري في الهند شركة "UNITECH" والتي حكم على رئيسها بالسجن، وشركتي "JAYPEE" و "AMOPOLY" حيث يتوقع أن يلقي رئيسيها نفس مصير الشركة الأولي.

وقد حكمت المحكمة ايضاً بتغريم هذه الشركات مبالغ باهظة كغرامات تأخير بغض النظر عما نصت عليه عقود الشراء، حيث اعتبرتها المحكمة عقود إذعان لصالح شركات الاستثمار العقاري ولا يصح الاعتداد بها.

بالإضافة الي ما سبق، وكنتيجة لتركيز شركات الاستثمار العقاري على الطبقات العليا من المجتمع وإغفال 95% من الطبقات الأقل، يوجد الأن في الهند أكثر من 12 مليون منزل للإسكان الفاخر مغلق وغير مستغل. وفي المقابل يوجد 13.7 مليون منزل عشوائي تم بنائهم خارج نطاق القانون بسبب ندرة وعدم توافر المنازل للطبقات الوسطي والدنيا من قبل شركات الاستثمار والتطوير العقاري.

كانت تلك أزمة سوق العقارات في الهند والأسباب التي أدت إليها. فهل يوجد أي وجه للشبه بين هذه الأسباب وما يحدث في سوق العقارات المصري؟ وإذا كان هناك تشابه، فهل يستدعي ذلك القلق أم لا؟ وهل يكفي القلق وحده لحماية سوق العقارات المصري من أن يلقي نفس مصير السوق الهندي؟

اخيراً، ماذا لو كان ما سبق ليس تشابهاً فقط بل تطابقاً؟!