top of page

التطوير وصخبه



أحدثت الأفكار التي طرحها الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم مؤخراً لإصلاح التعليم صخباً شديداً إعلامياً ومجتمعياً. وقد لا يعد ذلك مستغرباً أبداً، حيث عادة ما يصاحب أي عملية تغيير قلق من القادم المجهول على حساب الحاضر المعلوم والمألوف، وعملاً بالمثل المعروف "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش", أضف إلى ذلك عامل استهداف الوزير من ِقبل العديد من متضرري النظام الجديد مثل مافيا طباعة الكتب المدرسية والدروس الخصوصية وغيرها. ولكن ما يستحق الاستغراب هو عدم وجود أساس لاتفاق أو اختلاف الكثيرين مع تلك الأفكار والأدوات والإجراءات المقترحة أو حتى مناقشتها في غياب مواصفات ومهارات المستوى المعرفي المطلوب لمخرجات المنظومة التعليمية، وهم الطلاب ليكونوا مؤهلين لسوق العمل المستقبلي وما يحمله في طياته من تغيير جذري عما هو عليه الآن.


فكيف نحكم على الوسائل دون تحديد المستهدف منها أولاً؟


لقد أدركت الصين بأن التحدي المستقبلي يكمن في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي "Artificial Intelligence" التي باتت تهدد 47% من الوظائف بحلول عام 2030، وجعلت كل مواليد عام 2000 وما بعده مهددين بالبطالة إذا لم يتم إعادة تأهيلهم. بمعنى أن التعليم الحديث الذي تلقوه لن ينفعهم في مواكبة احتياجات سوق العمل في المستقبل المنظور.


ورأت الصين في هذا التحدي فرصة ذهبية يمكن استغلالها في القضاء على الهيمنة التكنولوجية الأمريكية، إذا ما نجحت الصين في أن تصبح الدولة الرائدة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ومن ثم أعلنت الصين في صيف 2017 عن خطة الثلاث سنوات 2018-2020 لإعداد جيل عصر الذكاء الاصطناعي الذي يضمن لها اقتناص الريادة التكنولوجية من أمريكا.


وتتضمن الخطة جعل مادة الذكاء الاصطناعي مقررة في المدارس الابتدائية امتدادا إلى المدارس الثانوية. ولكي يتمكنوا من استيعابها واستيعاب أثرها على حياتهم، قامت وزارة التعليم في الصين بتأليف قصه شيقة مقررة على التلاميذ عن شاب يدعى "منج منج" يعيش افتراضا في عام 2028، حيث يستيقظ على الصوت الرقيق لمساعدته الافتراضية، ويتناول الإفطار الذي أعده طباخه الآلي. ويقوم بالعديد من المغامرات المثيرة بسيارته ذاتية القيادة وباستخدام كثير من التطبيقات الأخرى التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وبالطبع يدرك التلاميذ من هذه القصة أهمية الذكاء الاصطناعي فيدرسوه بشغف متخيلين ما ستكون عليه حياتهم في المستقبل.


هكذا يتم تطوير التعليم في الصين. فهو ليس تطوير بهدف التطوير، ولكن تطوير بهدف صناعة المستقبل وليس صناعة الصخب والضجيج.


Amr@AmrKais.com






Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page