غير مأسوف عليه
- عمرو قيس
- Jul 17, 2018
- 2 min read

كلما حل علينا موعد إعلان نتائج الثانوية العامة في هذا التوقيت من كل عام برز أمام أعيننا بما لا يدع مجال للشك فشلنا في منظومة التربية والتعليم بكافة عناصرها من معلمين وأبنية تعليمية ومناهج علمية وتربوية ونفسية، وهيكل إداري برغم أن هذا الفشل دون مبالغة هو السبب الرئيسي في كافة المشاكل التي نواجهها اليوم سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو حتى أخلاقية. ففي مثل هذا الوقت من كل عام يتم الدفع بأكثر من نصف مليون شاب غير مؤهل التأهيل اللائق إلى المجتمع كأهم المدخلات وأهم عنصر من عناصر بناء المستقبل. وما هم إلا مخرجات معيبة لنظام تعليمي فاشل. فكيف ُيبنى بهم مستقبل مشرق؟ وعلى الرغم مما سبق، يأتي إعلان نتائج الثانوية العامة هذا العام مصحوباً ببارقة أمل ولعل أهم أسباب هذا الامل هو الإعلان عن هدم هذا النظام العقيم من أساسه غير مأسوف عليه. وهنا يجب أن ندرك حجم التحدي والحرب الشعواء التي يواجهها وسيستمر في مواجهتها الدكتور طارق شوقي من مافيا المنتفعين من هذا النظام الفاشل لسنوات طويلة مثل مافيا طباعة الكتاب المدرسي والمنتفعين من خارج وداخل الوزارة، ومافيا الدروس الخصوصية أو حتى الذين يحصلون على رواتبهم دون أي عمل أو أي نوع من أنواع الرقابة أو المحاسبة. من ثم يجب أن تتوفر له المساندة القوية منا جميعاً أفراداً ومؤسسات، بما يتناسب مع حجم التحدي وأهمية الانتصار في هذه الحرب المصيرية.
بارقة أمل أخرى أتت مع التصريح مباشرة ودون مواربة خلال المؤتمر الصحفي المخصص لإعلان نتائج الثانوية العامة بأن محاولات الغش الكثيرة ليس فقط بواسطة الطلبة ولكن بدعم وتشجيع من أولياء الأمور باتت امراً مفزعاً يستدعى معه الدراسة المتعمقة. وهو ما يعد اعترافا ضمنياً بانهيار منظومة الأخلاق والتربية والحاجة الماسة لإعادة بنائها بعيداً عن المكابرة وسياسة إنكار الواقع التي نعانى منها في مجالات عدة أملاً في أن يستتبع ذلك خطط للوزارة في سبيل استعادة دورها التربوي لتستحق مسمى "وزارة التربية والتعليم" عن جدارة.
بيقى شيء آخر يطفو على السطح مع إعلان نتائج الثانوية العامة ولكنه لا بيعث مطلقاً على التفاؤل لو استمر على حاله دون تغيير جذري، ألا وهو الإصرار على دعم الفاشلين.
فقد أعلن بأن نسبة النجاح هذا العام في الثانوية العامة حوالي 74%، وبما يعنى أن 26% من طلبة الثانوية العامة هذا العام وهم الراسبون سيتمتعون بالتعليم المجاني على نفقة الدولة إلى أن يمن عليهم الله بنعمة الاجتهاد والفلاح! وبما أن تلك النسبة المذكورة هي متوسط نسبة النجاح في كل مراحل التعليم بما فيها التعليم الجامعي فإن هذا يعنى بأن ربع ميزانية التعليم، التي نشكو دوماً من محدوديتها وقلتها، ُتهدر في دعم الراسبين والفاشلين بلا مبرر. بدلاً من توجيهها إلى دعم المتفوقين ورفع جودة التعليم بشكل عام.
أتصور أنه كان يجب الإعلان الفوري ودون تردد بأن على الراسبين الاختيار بين إعادة السنة على نفقتهم الخاصة أو تحويلهم إلى التعليم الفني مجاناً لسنه واحدة. وإذا رسبوا مره أخرى لا يكون لديهم اختيار سوى التعليم على نفقتهم الخاصة أو البحث عن عمل يتناسب مع قدراتهم.
المشكلة هنا أن دعم الفاشلين أصبح ثقافة مجتمعية، فلم يعد يقتصر على دعم الطلبة الفاشلين، فنحن ندعم أيضاً العمال والموظفين الفاشلين بأعطائهم رواتب وزيادات، بل وحوافز تميز وإجادة رغم خسارة شركاتهم ورداءة إنتاجهم. لقد امتد دعم الفاشلين ليشمل كل المجالات للحد الذي معه أصبح لدى الفاشلون قناعه تامة بأنهم ناجحون!
Comments