top of page

الاجتماع العقيم

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • Sep 7, 2024
  • 2 min read


كثيرة هي الأمور المتكررة في حياتنا والتي تتحول مع تكرارها الى عادة تشكل جزء من حياتنا دون الالتفات إلى حقيقة زوال الغرض منها وجدواها أو حتى الوقوف على سلبياتها ومحاولة علاجها. ولعل أوضح مثال على ذلك في حياتنا العملية الكثير من الاجتماعات التي ُندعى إليها ونحضرها دون أن نسأل أنفسنا عن ضرورتها أو العائد من ورائها ومدى تحقق الهدف منها. ربما لأن الموضوع قد لا يبدو على قدر كبير من الأهمية، أو ربما بسبب ثقافة الصبر التي تعيننا على تقبل إضاعة الكثير من الوقت على أمور لا تستدعي إضاعة كل هذا الوقت فيها، مثل المعاملات الحكومية وغيرها، ولأنه في النهاية "اجتماع يفوت ولا حد يموت". ولكن للتعرف على أهمية هذا الموضوع يكفي أن نعلم بأن المديرين التنفيذيين للشركات والمسؤولين الأعلى أجرا يقضون حوالي 23 ساعة أسبوعياً في إجتماعات، أي بما يزيد عن 50% من عدد ساعات عملهم وذلك وفقاً للدراسة التي نشرتها دورية "Harvard Business Review" والتي شملت أكثر من 200 من المديرين التنفيذيين من قطاعات مختلفة مثل الدواء وتكنولوجيا المعلومات والتجزئة وغيرها. والمثير للانتباه أيضاً هو أن عدد الساعات التي نستغرقها في الاجتماع تزيد بمرور الوقت، حيث كان متوسط عدد الساعات التي يقضيها المديرين خلال حقبة الستينات في الاجتماعات لا تزيد عن 10 ساعات أسبوعياً، أي أقل من نصف عدد الساعات التي نقضيها حالياً. ولأن هؤلاء المديرين هم الأعلى أجرا فيمكن أن نتخيل التكلفة الباهظة لهذه الاجتماعات ومن ثم أهمية تحقق عائد يتناسب مع تلك التكلفة. وقد أشارت الدراسة أيضاً إلى أن 17% فقط من المديرين الذين شملهم البحث يرون أن الاجتماعات مفيدة، ويرى 65% من المديرين أن هذه الاجتماعات تعوقهم بشكل مباشر عن إنجاز متطلبات وظائفهم الأساسية بشكل يضطرهم للسهر ليلاً أو العمل خلال العطلات بما يؤثر سلباً على حياتهم الأسرية والخاصة ومن ثم على حالتهم النفسية ومعنوياتهم وقدرتهم على الاستمرار في وظائفهم. ويؤدي ذلك أيضاً إلى عدم قدرتهم على القيام بما يطلق عليه "The deep work" وهو الأعمال الاستراتيجية التي تتطلب التفكير بتركيز شديد دون إزعاج أو مقاطعة والتي عادة ما يتوقف مستقبل الشركات عليها.  وبالطبع، فالحلول التقليدية التي نعرفها مثل عمل أجندة للاجتماعات والاجتماع وقوفاً منعاً لإطالة زمن الاجتماع وغيرها لا تكفي لوضع حد لهذا الإهدار الشديد للوقت والموارد بسبب تلك الاجتماعات غير المجدية.  ولا تكفي لتحويل من يحضر الاجتماع من سجين إلى مشارك فاعل. لذا، طرحت هذه الدراسة مبدأ أساسي ليس فقط لحل مشكلة الاجتماعات ولكن لحل كل تلك الأمور المشابهة التي تستهلك عمرنا وتستغرق وقتاً لا يتناسب مع العائد منها. وهو "Transform instead of tolerate" "قم بالتغيير بدلاً من التكيف" و لنتمكن من القيام بهذا التغيير للأفضل، فحري بنا أن نقوم بتقييم دوري لهذه الاجتماعات أو الأنشطة المماثلة التي تحولت إلى عادة و تستغرق الكثير من وقتنا. ويجب إشراك كل من لهم علاقة بهذه الأنشطة في هذا التقييم للتعرف على انطباعاتهم وكيفية تأثيرها عليهم وآرائهم فيها.  كما يجب أن ندرك أن هذه الاجتماعات وسيلة للوصول إلى أهداف محددة وليست غاية في حد ذاتها. وبالتالي يمكن أن تتغير الوسيلة مع تغير الأهداف.

 وأخيراً، يجب أن نعي أن التأقلم يعد نعمة للتعايش مع الأمور القدرية التي لا نستطيع تغييرها، لكنه نقمة إذا استعننا به للتعايش مع أمور سلبية يمكننا تغييرها. لذا، لا يجب أن نسمح للتأقلم أن يكون سبباً في السماح للكثير من الأمور غير المجدية أن تكون سبباً في سرقة وقتنا ومن َثم سرقة عمرنا.         

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page