الشهر الفضيل
- Amr Kais
- Mar 2, 2024
- 2 min read

أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الفضيل، أعاده الله عليكم بالخير و اليمن و البركات. يأتي الشهر الكريم هذا العام في ظل أزمات صعبة نمر بها، و هي ليست المرة الأولى منذ أن أتى متزامنا مع ذروة وباء الكورونا و ما تلاها من أزمات اقتصادية. و ربما تكون منحة إلهية في صورة أزمة، كي نعيد لهذا الشهر الكريم رونقه بإحياء القيم التي يدعو اليها من زهد وعمل جاد للدنيا والاخرة، و تراحم و إحساس بغير القادرين والمحتاجين. فهل فعلنا؟ و السؤال الأوقع هو: ماذا عن الأزمة الاقتصادية الحالية التي تواكب حلول الشهر الفضيل؟ هل تحفزنا على التفكير والعمل على تغيير ثقافاتنا وعاداتنا الحالية التي تسهم بشكل كبير في زيادة حدة الأزمة بدلا من حلها، ناهيك عن تعارضها التام مع جوهر ما يدعوا إليه هذا الشهر الفضيل من قيم؟
فعلى سبيل المثال، لماذا يتم تخفيض عدد ساعات العمل في رمضان بنسبة تزيد عن 25% رغم أنه يدعوا إلى العمل الجاد و رغم أننا بحاجة إلى زيادة انتاجيتنا لمواجهة الأزمة؟ لماذا لا يتم تبكير موعد الحضور و الإنصراف بدلا من ذلك، خاصة و أن الكثيرون يستيقظون مبكرا في كل الأحوال للسحور و صلاة الفجر؟ و مقابل ذلك تصرف الشركات لكل العاملين الذين يقل دخلهم عن عشرة الاف جنيه راتب نصف شهر و ربع شهر لباقي العاملين مقابل عدم تقليل ساعات العمل فيستفيد صاحب العمل من زيادة الإنتاجية ويستفيد العامل من المقابل المادي. ولماذا أيضا يتم حث المواطنين على شراء السلع الغذائية والإنفاق عليها في شهر رمضان بمعدل أعلى بكثير من شهور السنة الأخرى حتى في نشرات الأخبار رغم أنه شهر الزهد، و رغم أن الوقت المتاح للأكل و الشرب أقل بسبب الصيام؟ ناهيك عن حاجتنا إلى ترشيد الإستهلاك في مواجهة أزمتنا الأقتصاديه؟ أما فيما يخص الإعلانات التي تدعوا إلى التبرعات، فأتساءل، لماذا لا تتحول رسائلها من رسائل استجداء واستعطاف إلى رسائل توعوية لأساليب الوقاية؟ فمثلا تتحول رسائل التبرع لمرضى الكلى أو السرطان أو القلب أو حتى الحروق إلى رسائل لتوعية المواطنين بكيفية تجنب الاصابة بها، مع حثهم على التبرع لمن أصيب بها. وذلك كي نزيد من الوعي الصحي للمواطنين و نحل المشكلة من جذورها و نوفر في المستقبل المنظور جانب كبير من المبالغ التي تنفق على علاج تلك الأمراض. و في ذات السياق، أين إعلانات التوعية بأهم تحدي يواجهنا و هو تنظيم الأسرة؟، وأين كذلك حملات ترشيد استخدام المياه؟ أما عن المسلسلات و عددها و لافتات الطرق الخاصة بها فحدث و لا حرج! بل ما هي الخسارة الكبرى التي يمكن أن نتعرض لها لو اكتفت كل قناة تلفزيونية مصرية بعرض مسلسلين فقط في وقت ذروة المشاهدة و هو الست ساعات التالية لآذان المغرب، لاتاحة الوقت لبرامج أخرى مسلية و مفيدة ، توفيراً لتلك الأموال المهدرة لما هو أهم في خضم تلك الأزمة الاقتصادية؟ بل ماذا يضير شركات الانتاج الخاصة أن تنتج وتعد ما تشاء من مسلسلات طالما أنها تستطيع تسويقها لقنوات أو منصات بث الكترونية عربية أو عالمية، و طالما أن انتاجها يتم من أموال خاصة و ليس من اموال الدولة؟ أما عن محتوى تلك المسلسلات، فلا شك في أنه أيضا أمر يحتاج إلى الكثير من المراجعة ليسهم بشكل بناء في تشكيل منظومة القيم التي نتمنى أن نراها في مجتمعنا، خاصة ما تنتجه الدولة من مسلسلات. ختاماً، أتصور بأنه قد آن الأوان لإعادة النظر في الكثير من الانماط الفكرية والثقافية التي تحكم الكثير من سلوكياتنا غير المبررة منطقيا. كل عام و أنتم بخير و رمضان كريم!
Comments