قيم العمل في مصر
- Amr Kais
- Jun 8, 2024
- 2 min read

طالما تسائلنا عن سبب نجاح الكثير من المصريين فى الخارج مقارنة بحالهم فى مصر قبل السفر. و غالباً ما نجد درجة تفوقهم فى الخارج تعتمد على قدرتهم على التكيف والتأقلم واستيعاب قيم العمل السائدة فى تلك البلاد الأجنبية والتى يكون لها دور محورى فى إظهار قدراتهم و نبوغهم. لذلك، ليس من المصادفة أن نجد لكل دولة متقدمة قيم عمل إيجابية تميزها عن غيرها. ففى أمريكا على سبيل المثال، تتميز قيم العمل فيها بإطلاق طاقات الفرد و تشجيع المبادرات الفردية، و الاعتماد التام على النفس و المنافسة والتقدير الشديد لعامل الوقت، و المساواة فى الفرص بغض النظر عن الجنس و العرق و كذلك تشجيع الابتكار و الإبداع. أما فى أوروبا، فينظر إلى العمل بأنه السبيل الوحيد لتطور الفرد و إكتسابه احترام المجتمع. فمن جهة، لا يلقى من يحصل على مال دون عمل حقيقى ذو قيمة أى احترام من المجتمع، و من جهة أخري يتساوى فى الاحترام كل من يؤدى عمله بإتقان مهما تواضع نوع العمل.كما تشجع على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل و الحياة الخاصة يوضع "WORK LIFE BALANCE". وفى اليابان، تتسم قيم العمل بروح الفريق وإنكار الذات و التواضع والجدية الشديدة، علاوة على إصلاح المشكلة بدلاً من لوم الآخرين عليها والولاء الشديد لمكان العمل.
و بطبيعة الحال، لم تأت قيم العمل الايجابية السائدة فى تلك الدول على سبيل المصادفة، بل كانت محصلة كثير من الأبحاث والدراسات الدورية التى يقوم بها متخصصون من علماء الاجتماع المؤسسى بهدف دراسة كافة العوامل الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والتاريخية التى يمكن أن يكون لها تأثير فى تشكيل قيم العمل فى المجتمع، للحفاظ على كل ما هو إيجابى منها و إستبعاد كل ما هو سلبى. ثم تسويق تلك القيم الإيجابية والتوعية بأهميتها لكى يتبناها المجتمع ككل و تصبح جزء من الضمير الجمعي الذي يرقي بالأمم أو ينحدر بها. أما فى مصر، فقد ساهمت الكثير من العوامل فى تشكيل العديد من قيم العمل السلبية التى نعانى من تبعاتها اليوم مثل الخلل الصارخ بين الحقوق المكتسبة وما يفترض أن يقابلها من واجبات لا تؤدى، و التواكل الشديد وعدم الاتقان و عدم استشعار قيمة الجودة و الوقت و غير ذلك مما نلمسه يومياً فى محيط العمل. وهى القيم التى يتربى و يتشبع بها العامل والموظف المصرى، و بالتالى تؤثر على إنتاجيته وكفاءته و قدراته التنافسية و الإبداعية، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد. كما يجب ألا نغفل حقيقة أننا دولة مصدرة للعمالة؛ حيث يوجد أكثر من 14 مليون مصرى يقيمون فى الخارج و تسهم تحويلاتهم للداخل بقدر كبير فى توفير العملة الأجنبية ودعم الاقتصاد. وعلينا أن ندرك أن الدول المستوردة للعمالة لديها إمكانية استيراد عمالة من دول أخرى، و بالتالى يدخل العامل المصرى فى منافسة مع عمالة بديلة من دول أخرى.وبالتالي، فسفر العامل المصرى متشبعاً بتلك القيم السلبية يحد من تنافسيته مع نظرائه من الدول الأخرى، و من ثم نفقد فرصتنا فى تصدير العمالة للخارج.
و بناء على ما سبق ، أرى أن إعادة بناء قيم و ثقافة العمل الايجابية لدينا بناء على دراسات علمية قد بات ضرورة ملحة على الحكومة. و لعل نقطة البداية هي التوقف عن الكرم الزائد في منح العطلات الرسمية الغير مسبوق في دولة هي الأحوج إلى التشجيع على العمل، و التوقف عن منح أرباح و حوافز للعاملين في الشركات العامة الخاسرة، و هو ما يعد في حد ذاته قيم عمل شديدة السلبية
Comments