معضلة التصدير المصري
- Amr Kais
- Mar 17, 2024
- 2 min read

من المنطقي ألا يقدم أي تاجر على استيراد أية سلعة دون التأكد من وجود مشترى وسوق رائجة لتلك السلعة. ووجود سوق رائجة لكل هذا الكم من السلع المستوردة في مصر يعنى بالقطع إما عدم وجود بديل مصنع محلياً لهذه السلعة، أو أن البديل يقل في مستوى الجودة أو يزيد في السعر أو كلاهما عن المستورد بالقدر الذي يجعل المستهلك يقبل على شراء المستورد. وبالطبع لا يمكن الحديث عن تصدير أي سلعة مصنعة محلياً للأسواق الخارجية بينما لم تنجح هذه السلعة في منافسة مثيلاتها من السلع المستوردة في بلدها الأم.
و لعل موجات التعويم المتتالية و الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه وما أدى إليه من انخفاض نسبى في قيمة المنتجات المصرية المنشأ مقارنة بمنتجات الدول الأخرى كانت كاشفة لقدراتنا التصديرية. فقد كان من المتوقع أن نشهد طفرة تصديرية للمنتجات المصرية بسبب تلك الميزة السعرية الكبيرة. لكنه لم يحدث مع الأسف سواء بالنسبة للحاصلات الزراعية، أو المنتجات المصنعة. فقد تكرر منع الكثير من حاصلاتنا الزراعية من دخول العديد من الأسواق بسبب عدم مطابقتها للمواصفات والمعايير والاشتراطات الصحية التي تضعها تلك الدول لحماية مواطنيها سواء فيما يخص الجودة أو الصحة. أما المنتجات الصناعية، فقد استمر الحال على ما هو عليه من ناحية عدم وجود المنتج المصنع محليا من الأساس أو وجوده بمستوى تنافسي ضعيف جدا مقارنة بـالمنتج المستورد رغم الارتفاع الكبير في سعر الأخير نتيجة تعويم الجنيه. وبالتالي، لم يكن مستغرباً أن لا نشهد طفرة في التصدير إلى الخارج طالما أننا إما ليس لدينا ما نصدره، أو لدينا منتجات فشلت في تسويق نفسها في بلدها الأم رغم كل ما قامت به الدولة من اجراءات للحد من الاستيراد. و بالتالي، كان طبيعيا أن يكون فشلها محتوم في الأسواق الخارجية. وبالطبع، يستثنى مما سبق بعض النماذج القليلة التي نجحت وتميزت في فتح أسواق تصديرية جديدة واعدة.
أتصور أن ما سبق ذكره يستدعي دراسة الموقف التنافسي الحالي و المستقبلي للصناعة المصرية بقطاعاتها المختلفة، ووضع خطة لتدعيمها ليس فقط للتصدير و تقليل الفاتورة الاستيرادية، و لكن لتعظيم العائد من الاستثمار الكبير الذي تم في البنية التحتية التصديرية من موانئ و مطارات و سكك حديدية و طرق تصل بين المناطق الصناعية و تلك المنافذ التصديرية. كما ينبغي اعادة النظر في صحة التركيز على محاولات التصدير إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية رغم صعوبة وحدة المنافسة في هذه الأسواق وارتفاع سقف توقعات مستهلكيها مقارنة بمستهلكي قارة أفريقيا. خاصةً مع ارتباط مصر باتفاقيات ومعاهدات تجارية مع كل دول أفريقيا تقريبا تعطى المنتج المصري المنشأ مزايا تنافسية كثيرة مقارنة بمنتجات الدول الأخرى. فمنذ أن تم توقيع هذه الاتفاقيات لم يتم الاستفادة منها إلى أن ذهبت في طي النسيان. هذا، رغم أن قارة إفريقيا التي ننتمي اليها، يقطنها 1,2 مليار مستهلك في 54 دولة بناتج قومي 3,5 ترليون دولار. إلا أن حجم التجارة البينية بين الدول الأفريقية بعضها البعض يبلغ 18 % فقط من إجمالي حجم تجارتها. بينما يصل حجم التجارة البينية بين دول أوروبا 70 % من إجمالي حجم تجارتها على سبيل المثال. وهو إن دل على شيء فإنما يدل على حجم الفرص المتاحة في أفريقيا للتجارة البينية والضائعة من رجال الأعمال المصريين. وهي الفرص التي َتمكن الصينيون رغم بعد المسافة من استغلالها بشكل مذهل. فقد صارت الصين الشريك التجاري الأول لقارة أفريقيا بصادرات تتجاوز ال200 مليار دولار. وذلك، بعد أن درسوا و وعوا احتياجات تلك الأسواق التي ننتمي اليها جغرافيا و ثقافيا بينما تبعد عنهم الاف الأميال مسافة و ثقافه!!
Comments