top of page

أرقام و شجون

ان القراءة المتعمقة فى الأرقام، فى أحيان كثيرة ، لا تحمل معها فقط مؤشرات و اتجاهات و لكن تثير الكثير من الشجون و التى يمكن ان يصاحبها حزن عميق أيضا.


يعد أستقبال مطار الغردقة لبضع مئات من السياح على متن بضع طائرات خبرا أعتدنا على قرائته فى شريط الأخبار الخاص بالكثير من قنواتنا المحلية تدليلا على أهميته. يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه الشركة المالكة لسوق دبى التجارى (دبى مول) عن أستقبال المول ما يزيد عن 65 مليون زائر فى خلال عام واحد ، اى ما يزيد عن سته أضعاف عدد السائحين الوافدين لمصر فى هذا العام رغم كل ما لدينا من مقومات و امكانيات لكافة أنواع السياحة بكل أغراضها.


بل و الأكثر من ذلك ، تستقبل مطاعم مكدونالدز يوميا فى فروعها ما يزيد عن 65 مليون لتناول الهامبرجر!

و لعلى أستدعى هنا ما تعلمته على يد أستاذى الجليل الدكتور صبرى الشبراوى ، أمد الله فى عمره، عن أن الرؤيا و الادارة التسويقية الناجحة يصنعان الفارق و يخلقان القيمة. ففى الوقت الذى كانت سلسلة المطاعم المذكورة لديها الرؤية فى التوسع و الآنتشار و خلق القيمة التى تستطيع بها جذب 65 مليون عميل يوميا على مستوى العالم، كانت فى ذات الوقت ادارة أشهر مطعم للكفتة و الكباب و هو تقريبا نفس مجال مكدونالدز و التى بدأ نشاطها فى نفس الوقت تقريبا فى مصر تفتخر بتبنى شعار "ليس لنا فروع أخرى".


و من الأرقام التى يؤدى تأملها الى حزن عميق ، رقم المبيعات السنوية لسلسة متاجر التجزئة "و ال مارت" حيث بلغت فى العام الماضى ما يزيد عن 486 مليار دولار و هو ما يقرب من ضعف الناتج القومى لمصر. و هى شركة يقل عدد العاملين فيها عن عدد قاطنى شارعين فى منطقة شبرا على سبيل المثال. مما يعنى ان هذه الشركة نجحت فى خلق قيمة تقارب ضعف ما قامت به مصر بكل سكانها و مقدراتها.

و لكن ماذا بعد الشجون و الأحزان ؟! ألا تستدعى تلك الأرقام و الأمثلة التفكير فى أنه قد آن الآوان لآستشعار القيمة الحقيقية لعلم يؤخذ بالفهلوة فى بلادنا؟ و هو علم خلق القيمة (التسويق) ؟ و لاستدعاء الكوادر المصرية العالمية المتخصصة فى هذا الشأن؟ علما بأنه من المحزن أيضا ان نجد ان من وراء الكثير من المؤسسات العالمية الى ورد ذكرها و غيرها الكثير من القيادات و الكفاءات المصرية العالمية و المقدرة من قبل هذه المؤسسات ، و لكن مع الأسف تستغل هذه الكوادر من قبل مؤسساتهم فى تسويق و خلق قيمة للهامبورجر و مساحيق الغسيل و المشروبات الغازية بدلا من أستغلالها فى ابراز القيمة الحقيقية لوطن يزخر بالمقدرات و الأمكانيات فى كل المجالات بدء من التسويق السياسى ، الأستثمارى، و الأجتماعى ....الخ.


تلك بالضبط كانت رؤية رجل عظيم ، و الذى كان وراء صناعة المعجزة السنغافورية "لى كوان يو" و الذى وافته المنية فى أواخر مارس الماضى و حينئذ تناولت كافة وسائل الأعلام العالمية و لأسابيع تحليلا لتجربته و أعماله كى تستلهم الشعوب و حكامها الكثير من الدروس و العبر منها فى الوقت الذى أغرقت فيه وسائل الأعلام المحلية المواطن المصرى فى مواضيع مثل العفاريت و الفضائح.

لقد قامت ثورات أحتجاجا على النتائج التى وصلنا اليها على ارض الواقع . فاذا اردنا تغييرتلك النتائج ، يجب ان نكف عن تغيير الوجوه دون تغيير المضمون و القالب الفكرى .


يجب ان نستدعى القادرين على خلق الرؤى التى ترقى لمستوى طموحاتنا و امكانياتنا و القادرين على تحقيقها و خلق القيمة التى يستحقها وطنا أسىء اليه كثيرا من قبل أبنائه بقدر أكبر من اساءة الأخرين اليه.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page