top of page

الذكاء و الفقاعة

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • Dec 7
  • 2 min read
ree

شهد العالم خلال السنوات الأخيرة إندفاعاً غير مسبوق نحو الإستثمار في الذكاء الإصطناعي، حيث تتسابق الشركات الكبرى والناشئة على بناء مراكز بيانات عملاقة وتطوير نماذج لغوية ضخمة. هذا السباق المحموم ترافق مع وعود بفتح آفاق إقتصادية هائلة من خلاله.  فنجد على سبيل المثال شركات مثل Meta وGoogle  وOpenAI  تحتل المقدمة في هذا السباق. فـ Meta أعلنت أن إنفاقها على البنية التحتية للذكاء الإصطناعي سيصل إلى نحو 70–72 مليار دولار في عام واحد، مع توقع زيادات أكبر في السنوات التالية. أما Google فقد طرحت أفكاراً مستقبلية مثل بناء مراكز بيانات في الفضاء تعمل بالطاقة الشمسية، في محاولة لتجاوز القيود الأرضية على الطاقة والتبريد. و من جهته أوضح "سام ألتمان" الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، أن شركته ملتزمة بصفقات تصل قيمتها إلى 1.4 تريليون دولار، مع إيمان بأن هذه الاستثمارات ستؤتي ثمارها على المدى الطويل. لكن في المقابل ظهرت مؤخرا أصواتا تحذر من أن العائد على هذه الاستثمارات قد لا يبرر حجم الإنفاق، وأننا ربما أمام فقاعة جديدة شبيهة بفقاعة الإنترنت التي شهدناها في مطلع الألفية.

فقد قدم الرئيس التنفيذي لشركةIBM   "أرفيند كريشنا"، مؤخراً رؤية واقعية مدعومة بحسابات دقيقة حول حجم الإنفاق الجاري على مراكز بيانات الذكاء الإصطناعي. وبعبارة أدق، أوضح أن بناء مركز بيانات واحد بطاقة 1 جيجاوات يتطلب نحو 80 مليار دولار. وإذا أخذنا بعين الإعتبار أن الشركات الكبرى تخطط لبناء مراكز بقدرة تصل إلى 100 جيجاوات حول العالم، فإن التكلفة الإجمالية تصل إلى نحو 8 تريليونات دولار. و أضاف بـأن هذه الاستثمارات الضخمة تحتاج إلى تحقيق أرباح سنوية تقارب 800 مليار دولار فقط لتغطية تكلفة رأس المال والفوائد، وهو رقم شبه مستحيل في ظل الواقع الحالي. كما شدّد على أن دورة حياة الشرائح والمعالجات المستخدمة في هذه المراكز لا تتجاوز خمس سنوات، ما يعني أن الشركات ستضطر إلى استبدال معظم الأجهزة بشكل دوري، مما يضاعف النفقات ويجعل العائد أكثر صعوبة. و من اللافت ايضا في حديث كريشنا أنه شكك في قدرة البنى الحالية على الإنتقال من الذكاء الإصطناعي الضيق الحالي إلى ما يعرف بـ "الذكاء العام الاصطناعي" (AGI).  يتميز "الذكاء العام الاصطناعي" بالقدرة على التعلم والمرونة في حل المشكلات والإبداع واتخاذ القرارات. فيما تقدر حيث احتمالية النجاح بين 0% و1% فقط، ما لم تحدث إختراقات نوعية في دمج أشكال مختلفة من المعرفة.  وفي الوقع، يضع هذا التشكيك علامات استفهام حول جدوى الإنفاق الهائل إذا كان الهدف النهائي غير مضمون التحقيق.

ومن الجدير بالذكر أن مخاطر تلك الفقاعه لا تقتصر فقط على الشركات والمستثمرين، بل تمتد إلى المجتمع والأسر التي تراهن على مستقبل أبنائها في هذا المجال. فالعائلات تدفع مبالغ طائلة لتأهيل أبنائها في تخصصات الذكاء الاصطناعي، على أمل أن يفتح لهم أبواب المستقبل. لكن إذا تبين أن السوق يعيش فقاعة، فإن الخسائر لن تكون مالية فحسب، بل ستنعكس على ثقة المجتمع في التكنولوجيا وعلى إستقرار آلاف الأسر.  لذا، لا تعد تصريحات الرئيس التنفيذي لـ IBM مجرد رأي بل قراءة مبنية على أرقام وحسابات دقيقة.  بل هي دعوة للواقعية التي تقتضي التوازن بين الطموح المشروع و الحقائق الاقتصادية.  فأي فقاعة إذا انفجرت لن تضر بالشركات فقط، بل ستصيب الأسر والمجتمعات التي وضعت ثقتها ومدخراتها في هذه التكنولوجيا.

 

 

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page