دور القطاع الخاص المسكوت عنه

نعلم جميعا أن القطاع الخاص يعد قاطرة الاقتصاد فى كل دول العالم، و من هنا تأتى قناعتنا بأهمية دوره المماثل فى مصر.

لكننا مع الأسف اختزلنا دوره فقط فى توفير فرص العمل وانتاج السلع والخدمات النمطية التى يحتاجها المواطن متجاهلين دوره المحورى فى البحوث و التطوير باعتبارهما دعائم التقدم الأقتصادى.

و لمعرفة دور البحوث و التطوير فى دعم الأقتصاد، يكفى أن نعرف أنه مع مشارف العام الحالى أدرك مجتمع الأعمال الأمريكى أن التعافى الأقتصادى يحدث و لكن ليس بالوتيره المطلوبة و أن نسبة النمو فى المرتبات تزيد بمعدل يزيد عن نسبة التضحم و لكن بنسبة طفيفة فكان رد فعل الشركات الأمريكية التلقائى هو زيادة الأنفاق فى البحوث و التطوير بشكل لم يحدث خلال الخمسون عاما الماضية حيث بلغ 316 مليار دولار من شهر نوفمبر 2014 و حتى مارس 2015 و هذا المبلغ يعادل 1,8% من دخل هذه الشركات. هذا و قد فاق هذا الأنفاق ما تصرفه الحكومة الأمريكية نفسها على الأبحاث و التطوير بكثير و الذى بلغ 8,% فقط من الدخل القومى فى الربع الأول من العام الحالى.

إن ما قام به القطاع الخاص الأمريكى مؤخراً ينبع من فهمه العميق لدوره فى تحفيز عجلة الأقتصاد من خلال الإنفاق علي البحوث و التطوير و الذى يؤدى بدوره الى استحداث أساليب انتاج أكثر كفاءة و منتجات أكثر تنافسية و بقيمة مضافة أكبر .

و عملياً، لن يصعب الربط بين الإنفاق علي البحوث والتطوير ونجاح أي شركة كانت إذا علمنا أن فى مقدمة الشركات التى تنفق علي الأبحاث التسويقية أسماء مثل فولكس فاجن (13,5 مليار دولار) وسامسونج (13,4 مليار دولار)، ميكروسوفت، انتل، روش، تويوتا و هى جميعاً الشركات الأكثر نجاحاً كل فى مجالها.

أما على مستوى الدول الأكثر إنفاقاً علي مجال الأبحاث، فتأتى أمريكا و الصين فى المقدمة، الهند فى المرتبة الثامنة، اسرائيل فى المرتبة الثامنة عشر، بينما تأتى مصر فى المرتبة ال 46 متأخرة جداً عن دول مثل قطر و تركيا و ايران!!

جديرا بالذكر أن حكومات تلك الدول توفر حوافز ضريبية و غير ضريبية لتشجيع القطاع الخاص على القيام بهذا الدور المحورى فى تنمية الأقتصاد ، ما يعنى أن الدولة لها دوراً محورياً فى هذه المنظومة، و هو ما يجب أن نراه على أرض الواقع فى مصر.

لقد أعتبر الكثيرين أن مساهمة القطاع الخاص من عدمه فى صندوق "فى حب مصر" مؤشراً قوياً علي مدى انتماء هذا القطاع للوطن و مساهمته فى تنميته. فهل يمكن بالقياس أن نعتبر استثمار القطاع الخاص من عدمه فى البحوث و التطوير علي نفس القدر من الأهمية أم سيظل دوره غائباً و مسكوتاً عنه ؟