top of page

أستشعار الأزمة بعد الوقوع فيها

ما أن خفت حدة إنقطاع التيار الكهربائى إلا و قد توقف تماماً الحديث عن المشاريع و الخطط المستقبلية وتوقيتاتها المحددة لإستخدام الطاقة البديلة والنظيفة كحل لمشكلة الطاقة المزمنة التى نعانى منها. وكأن أزمة الطاقة قد زالت وحلت تماماً وتوافرت لدينا طاقة الإمكانيات والموارد لحلها وضمان عدم تكرارها، وهو بالطبع أبعد ما يكون عن الصحه. لم نسمع إلا عن مشروع الضبعة النووى و الذى عليه ما عليه من مثالب تحدثنا عنها من قبل. وكأننا لم نتعلم من المعاناة و الخسائر الإقتصادية الفادحة التى نتجت من أزمة الطاقة وإنقطاع التيار الكهربائى فى الفترة السابقة درساً هاماً وهو أن التخطيط والتفكير السليم يجب ان يوظف لتجنب الوقوع فى الأزمات وليس لإيجاد حلول بعد الوقوع الفعلى فيها وتكبد الكثير من الخسائر.


ومن هذا المنطلق، توجد الكثير من الأفكار القابلة للتطبيق الفورى والتى من شأنها المساهمة بشكل كبير فى تجنب الوقوع فى ذات الأزمة مرة أخرى. مثلاً، من البديهى أن الأكثر إستهلاكاً للطاقة الكهربائية وحملاً على الشبكة المنازل الفارهة والكبيرة حجماً والتى غالباً ما تقع فى مجمعات سكنية (كمبوندز)، وذلك لكبر حجمها وبالتالى إرتفاع عدد أجهزة التكييف والأجهزة المنزلية الأخرى بها ذات الأستهلاك المرتفع من الكهرباء بالإضافة الى مرافق هذه المجمعات. ولكنى أتصور لو عرض على قاطنى هذه المجمعات الإستثمار فى تجهيزها لكى تعتمد بشكل كلى على الطاقة الشمسية بحيث يدفع السكان التكلفة الإستثمارية لذلك مقابل توفيرهم المستقبلى لما يدفعونه حالياً من مبالغ باهظة مقابل إستهلاكهم للطاقة الكهربائية. بل ويمكن أن يبيعوا الفائض للدولة ومقابل ذلك يتم تخفيض أو تأجيل الضريبة العقارية المستحقة عليهم لفترة زمنية. سيؤدى ذلك الى أن تستفيد الدولة بتحول إستهلاكهم الحالى للكهرباء من عبء ثقيل على الشبكة الى فائض، ويستفيد السكان من هذا الوفر فى فواتير الكهرباء المستقبلية والتى بالطبع ستزيد بشكل مطرد نتيجة لرفع الدعم عن الطافة. بل ويمكن للبنوك ان توفر قروضاً لتمويل شراء ما يلزم لتجهيز تلك البيوت للإعتماد على الطاقة الشمسية وهو بالطبع قرض مربح للبنك ونسبة خطورته لا تذكر. وبالطبع يسرى هذا الإقتراح ايضاً على مؤسسات الأعمال التى يسمح نوع نشاطها بالإعتماد كليةً على الطاقة الشمسية.


أعتفد أنه لو تم تنفيذ هذا المقترح، فإنه لن يسهم فقط فى حل و تجنب الوقوع فى أزمة طاحنة للطاقة، بل سيكون له أعظم الأثر بيئياً وسيكون أيضاً سابقة تعد الأولى من نوعها فى التنسيق والتناغم الذى طالما نادينا به بين المؤسسات الحكومية المختلفة لتحقيق هدف ما. وزارة الطاقة لتوفير الدعم الفنى، وزارة المالية فى إعطاء المميزات الضريبية التى يزيد العائد منها أضعاف قيمتها ، والجهاز المصرفى الذى يوفر التمويل اللازم مقابل الربح وتشغيل الودائع المعطلة لديه.


يجب أن نتوقف عن مواجهة مشاكلنا بعد أن تقع بدلاً من التفكير فى تجنبها، ويجب أن نتوقف عن التفكير بنفس الأسلوب ومع ذلك نتوقع نتائج مختلفة. رحم الله آينشتين الذى نبهنا لذلك.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page