top of page

أيهما أولى؟

يعد التقرير السنوى لممارسة أنشطة الأعمال من أهم التقارير الدورية التى يصدرها البنك الدولى. وهو التقرير الذى يشمل 189 دولة ويقيس مدى سهولة ممارسة الأعمال فيها من حيث سهولة بدء النشاط ، إستخراج التراخيص، الحصول على إئتمان، الضرائب،فض المنازعات،التخارج والتصفية،إلى جانب الكثير من المؤشرات الأخرى التى تساعد على توفير بيئه صحيه ومشجعة لممارسة الأعمال والإستثمار.


ورغم أهمية هذا التقرير بوجه عام ولمصر بشكل خاص على إعتبار أن جذب الإستثمارات الأجنبية عن طريق توفير مناخ صحى للأعمال يحتل قمة أولوياتنا فى الوقت الراهن، إلا أن النسخة الأخيرة من هذا التقرير والتى صدرت منذ أشهر قليلة لم تلق الإهتمام الكافى، سواء على المستوى الرسمى والحكومى أو على مستوى منظمات الأعمال أو حتى إعلامياً.


وغنى عن القول أن هذا التقرير يعد من المراجع الرئيسية التى يلجأ إليها المستثمر عند تحديد وجهة إستثماراته المستقبلة وعند المفاضلة بين قرار الإستثمار بين دولة وأخرى.


وقد إحتلت دوله الإمارات المركز الأول عربياً و ال31 عالمياً من حيث توافر البيئة المشجعةعلى الأعمال والإستثمار فى النسخه الأخيرة من التقرير. بينما إحتلت إسرائيل المركز ال53 عالمياً وإحتلت قطر المركز 68 وتونس المركز ال 74 .

أما مصر، فقد إحتلت المركز ال 131 عالمياً متراجعة 19 مركزاً فى مؤشر سهولة أداء الأعمال و 5 مراكز فى الترتيب العام، حيث كان ترتيبها ال 126 فى العام السابق.


يأتى هذا التدهور فى بيئة الأعمال فى خضم المساعى المحمومة والجهود المضنية لترويج الفرص الإستثمارية فى مصر.

ففى الوقت الذى ُعقد فيه مؤتمر شرم الشيخ وما حمله من فرص جذب للمستثمرين وما أعقبه من زيارات رئاسية لنفس الهدف لمختلف أنحاء العالم، وتوافد المستثمرين من مختلف بقاع المعمورة تزداد بيئة الأعمال فى مصر تدهوراً.

فماذا يعنى هذا؟ يعنى ببساطة، أننا ندعو المستثمرين من كل العالم للإستثمار فى مصر ونرفع سقف توقعاتهم ونعدهم ببيئة مثالية للأعمال والإستثمار، فيصدقوننا، ثم يأتوا لُيصدموا بالواقع الذى لا يمت بصلة لما تم وعدهم به فنفقد مصداقيتنا أمامهم ربما للأبد.


إنها قاعده تسويقية معروفة : "الترويج الجيد للسلعة المعيبة هو أسرع طريق لقتلها". لأن الترويج الجيد يؤدى إلى الإقبال الكبير من كل المستهلكين المرتقبين للسلعة، ولأنها معيبة،فستصبح عيوبها معروفة للجميع عند إختبارها. وبالتالى،تقل فرص هذه السلعة فى إعادة إكتساب ثقة العملاء حتي حال إصلاح عيوبها. وهو ما ينطبق بالضبط على حالة الترويج الجيد للإستثمار فى بيئةإستثمارية معيبة.


أيهما أولى إذن : توجيه الجهود للترويج للإستثمار أم توجيهها لإصلاح بيئه الإستثمار أولاً؟

لعل هذا ما يفسر عدم تحول كثير من مذكرات التفاهم التى تم توقيعها مع العديد من المستثمرين على مدار العام ونصف الماضيين إلى مشاريع حقيقية على أرض الواقع.


إن من حق أى مستثمر قبل إتخاذ قرار الإستثمار من عدمه الحصول على إجابات واضحه لتساؤلات مشروعة تشمل على سبيل المثال لا الحصر: مستقبل قانون الإستثمار ولائحته التنفيذية ،ضريبة القيمة المضافة وضريبة الأرباح الرأسمالية وغيرها من التعديلات الضريبية المرتقبة، رفع الدعم عن الطاقة وتوقيتاته وغير ذلك من الأمور الأساسية التى ُيبنى عليها قرار الإستثمار فى بلد ما والتى مع الأسف تتصف بالضبابية حتى الآن فى مصر.


علينا أن ُنصلح المنتج المعيب قبل أن َنشرع في ترويجه كي لا نفقد مصداقيتنا أمام العالم.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page