top of page

الأزمة والإعلام الاقتصادي

نشرت مجلة بلومبرج بيزنس ويك Bloomberg business week تحليلاً اقتصاديا شديد الاحترافية والخطورة في ذات الوقت، محذراً من وقوع الإقتصاد الأمريكى ومن ثم الإقتصاد العالمى في أزمة اقتصاديه كبيرة تماثل في قوتها الأزمة الإقتصاديه التى حدثت فى العام 2008 مع إختلاف الأسباب.


ففي عام 2008 كان توسع الجهاز المصرفي في إقراض الأفراد بما يفوق بكثير دخلهم وقدرتهم على السداد السبب الرئيسي للأزمة ولانهيار العديد من المؤسسات المالية الضخمة مثل ليمان براذرذ Lehman Brothers وغيرها.


أما الآن،فقد تلعب الشركات نفس الدور الذى لعبه الأفراد فى إشعال الأزمه. حيث تشير البيانات إلى أن الخفض الشديد لسعر فائدة الإقراض كان مغرياً للكثير من الشركات للإقتراض بما يفوق قدرتها على تحقيق أرباح، ما قد يؤدى إلى عدم قدرتها على سداد هذه القروض وتعثرها. فقد بلغ حجم القروض التي حصلت عليها الشركات 6.6 تريليون دولار بمعدل نمو يزيد 500 ضعف عن معدلات تحقيقها للأرباح، وذلك فى الوقت الذى إنخفض فيه معدل ربح هذه الشركات 7% فى الربع الأول من عام 2016 عما كان عليه فى العام 2015.


و ما يزيد الوضع خطورة هو أن هذه الشركات قد إستخدمت هذه القروض الطويلة الأجل فى إعادة شراء أسهمها المتداولة في البورصة أو تمويل بعض الإستحواذات بدلاً من الإستثمار فى أصول تدعم قدراتها الإنتاجية والتسويقية، ومن ثم ربحيتها. فقد أنفقت هذه الشركات ما يزيد عن 2 تريليون دولار على إعادة شراء أسهمها و 3.5 تريليون دولار لتمويل عمليات إستحواذ بما يقلل قدرتها على الوفاء بإلتزامها وعدم التعثر.


وبالفعل، فقد بدأت بوادر هذه الأزمة المرتقبة تلوح في الأفق، فحسب مؤسسة ستاندارد اند بورز S&P ، فقد بلغ عدد الشركات التى تعثرت منذ بداية العام 2016 50 شركة وهو ضعف عدد الشركات التى تعثرت فى نفس الفترة من العام الماضي وهو بلا شك يعد مؤشراً خطيراً.

وبغض النظر عن احتمال وقوع هذه الأزمة أو تدارك متخذي القرار ومجتمع الأعمال الموقف وتجنبها، فإنه من اللافت للنظر والمثير للإعجاب الدور الذى يقوم به الإعلام الإقتصادى "عندهم"،متمثلاً فى التحليل المذكور، فى تثقيف المجتمع إقتصادياً وتسليط الضوء على تبعات السياسات الماليه التى يتخذها صانعوا القرار وتصحيح مسارها إذا لزم الأمر تجنباً للأزمات والخسائر. أما "عندنا" فلا يستطيع الإعلام الإقتصادى القيام بهذا الدور فى غياب عنصرين رئيسيين، الأول هو الكوادر المؤهلة والمدربة على البحث والتحليل والكتابة الاقتصادية العلمية والموضوعية العميقة، بعيداً عن دوائر المصالح وبغض النظر عن طبيعة ملكيه تلك المؤسسات الإعلامية.


أما العنصر الثاني، فهو الشفافية وتوافر المعلومات لتلك الكوادر حتى تستطيع أن تزاول عملها وتقوم بدورها. فمثلاً نحن لا نعلم حيثيات رفع أو خفض سعر الفائدة عند اتخاذ القرار ولا نعلم تبعات مثل هذا القرار بعد إتخاذه. ولا نعلم نسبه القروض إلى الودائع فى الجهاز المصرفى هذا العام مقارنةً بالعام الماضى، ونوعية الشركات التى حصلت على قروض من الجهاز المصرفى وحجم هذه القروض مقارنةً بالعام الماضي وكذلك الغرض من هذه القروض، ونسب التعثر هذا العام مقارنةً بالعام الماضى حتى نستطيع تقييم الأثر الاقتصادي للقرارات الاقتصادية ، وتصويبها إذا لزم الأمر ومحاسبة متخذها.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page