مبادئ و نتائج
لا تعد شركة أبل “Apple”ناجحة فحسب لكنها شركة أسطورية بكل المقاييس و بإجماع الآراء. فهي الشركة التي احتلت قمة الشركات في العالم بأعلى قيمة سوقية 586 مليار دولار، و التى حققت أعلى أرباح ربع سنوية في التاريخ خلال عامى 2014 و 2015.
وبينما تحتفل الشركة هذا الأسبوع بمرور عشر سنوات على تقديم " آي فون" "I phone" المنتج الأكثر نجاحاً فى العالم و الذى لعب دوراً أساسياً فى تحقيق الشركة لكل الانجازات السابقة، أصدرت الشركة بياناً اعلنت فيه أنها قد حققت صافى مبيعات قدره 215.6 مليار دولار و أرباح 60 مليار دولار مقارنة بالعام المنتهى في سبتمبر 2016. وبهذا، تكون الشركة قد حققت 96.4% من المبيعات المستهدفة و 99.5% من الأرباح المستهدفة، و بما أنها لم تحقق 100% من أهدافها، فقد قررت لجنة الاستحقاقات بالشركة خصم 10.5% من الأجر السنوي ل"تيم كوك" " Tim Cook" العضو المنتدب للشركة بالإضافة إلى خصم نسبة مماثلة من أكبر خمسة مديرين تنفيذيين بالشركة.
لا شك أن هذا التصريح يكشف عن الكثير من ثقافة و قيم العمل السائدة في هذه الشركة و التى تقف وراء النجاح الاسطورى لها و عن المبادئ الراسخة في الضمير الجمعي لها. و لعل أول هذه المبادئ هو اعتراف الإدارة العليا بأنها المسئول الأول عن نتائج الشركة واستعدادها للمسائلة و تحمل العواقب بدلاً من إلقاء اللوم على بعض العاملين بالشركة و تحميلهم مسئولية أى إخفاق، فيما ُيعرف بسياسة " كبش الفداء" التى تعد تراثاً متوارثاً لدينا . أما ثاني هذه المبادئ فهو الأجر مقابل العمل و نتائجه، فلم يشفع ل" تيم كوك"تحقيق 99.5% من الأرباح المستهدفة، و كل إنجازاته فى السنوات السابقة، و تم الاستقطاع من مستحقاته هو و رفاقه لكن دون الإطاحة به أيضاً. وبذلك، يتحقق التوازن بين الحقوق المكتسبة وما يقابلها من واجبات و مسئوليات. فالمساواة ليست بين الذين يعملون و الذين لا يعملون لكنها مساواة في الحقوق و الواجبات. تعد الشفافية المبدأ الثالث، فمن حق المساهمين معرفة المقابل الذي تحصل عليه الإدارة التنفيذية في الشركة و قبوله أو رفضه في ضوء النتائج التي تحققها هذه الإدارة، و كذلك الإجراءات التى تتخذ معها فى حال عدم تحقيق النتائج المستهدفة. و علي الجانب الآخر، لا تستنكف الإدارة العليا للشركة الإعلان عن رواتبها و مكافآتها، بل و الإعلان عن الإجراءات التي ُتتخذ معها عند حدوث أى تقصير منها. أما المبدأ الأخير، فهو الحوكمة الرشيدة التي تسمح باستقلالية عمل لجان الشركة و منها لجنة الحوكمة والتي استطاعت بموجب هذه الاستقلالية اتخاذ هذا القرار حفاظاً على مصلحة المساهمين و الشركة و حرصاً على تدعيم و ترسيخ قيم العمل الايجابية فيها.
قد يكون من المفيد جداً، أن نتعلم من مبادئ شركة "أبل" و ُنقبل على تطبيقها بقدر ما ُنقبل و نتهافت و نتباهى فقط بأقتناء منتجها "آى فون".
