top of page

تبخر الثقة



شهد العالم منذ أيام مراسم إنتقال السلطة إلى دونالد ترامب الذي لم يكن مجرد إنتقال للسلطة بقدر ما كان إستكمالا ً لمسلسل انهيار للأحزاب الحاكمة أو الحكام أنفسهم في خمسة دول من أصل عشرة من أكبر الدول اقتصادا في العالم خلال عام واحد. فبالإضافة إلى أمريكا شهدنا سقوط رؤساء البرازيل وكوريا الجنوبية وكذلك سقوط رؤساء وزراء بريطانيا وإيطاليا.

ولا يخفي على أحد كيف أصبح الوضع في فرنسا والمانيا مهيئاً لسقوط مماثل خلال العام 2017.


وبقدر ما كانت هذه الأحداث صادمة ومفاجئة، بقدر ما كانت نتائج "باروميتر إديلمان للثقة -Edelman trust barometer" كاشفة للأسباب المنطقية التي أدت لحدوث تلك الانهيارات غير المتوقعة. ويصدر “باروميتر إديلمان للثقة" عن مؤسسة إديلمان، وهو بحث سنوي يشمل 28 دولة قامت به المؤسسة على مدار ال 17 سنه الماضية لقياس مدي ثقة عامة الشعب في حكوماتها وإعلامها ومجتمع الأعمال وكذلك الجمعيات الأهلية بها ودرجة المصداقية التي تتمتع بها. وقد كشف البحث في نسخة هذا العام عن أكبر انخفاض في الثقة و المصداقية يشهدها العالم علي مدار السبعة عشر عاماً الأخيرة، و هو ما ُوصف بالكارثة. حيث لم تحظ الأنظمة في ثلثي الدول التي شملها البحث بثقة شعوبها و حصلت علي نسب ثقة تقل عن 50% بشكل عام. كما أن 53% ممن شملهم البحث اعربوا عن قناعتهم بفشل أنظمة بلدانهم مقابل 15 % فقط ممن أعربوا عن رضاهم عن أنظمتهم و ثقتهم فيها . وقد كان للإعلام نصيب الأسد في تبخر ثقة المواطنين حيث لم يحظ إلا بثقة 18% من شعوب الدول التي شملها البحث حيث يروا ان إعلامهم ُمسيس إلي حد كبير ، علاوة علي خضوعه لأصحاب المصالح و النفوذ بالشكل الذي أدي إلي تآكل مصداقيته .


تلي الإعلام الحكومات في انهيار الثقة، حيث لم تحظ الحكومات بالثقة إلا في 25% من الدول التي شملها البحث. ولم يحظي مسئولي الحكومات بوجه عام على ثقة 71% ممن شملهم البحث. كما رأت الشعوب الممَثلة في عينة الدراسة أن حكوماتهم قد فشلت في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتهم، بالإضافة إلي تراجع قيمهم المجتمعية. أما مجتمع الأعمال، فقد حصل على نسبة ثقة 52% . بينما حصلت قيادات العمال على ثقة 37% فقط ممن شملهم البحث ويرجع ذلك إلى الفساد وعدم القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية وخلق فرص عمل، بالإضافة إلى ضعف الوعي بالمسئولية المجتمعية. كما حصلت الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني علي نفس درجة الثقة التي حصل عليها مجتمع الأعمال والتي أخذ عليها عدم قدرتها على تحديد أولوياتها بشكل يعكس فهمها لمخاوف شعوبها وآمالهم.


لم تكن مصر ضمن الدول التي شملها "باروميتر إديلمان للثقة"، لذا سيبقي السؤال عن مدي ثقة المواطن المصري في الإعلام والحكومة ومجتمع الأعمال ومنظمات المجتمع المدني بلا إجابة. فهل نبحث عنها؟ أم نعرفها مسبقاً ؟ أم أن معرفتها لن يغير من الأمور شيئاً؟ سؤال بريء.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page