وقائع ومغزاها
شهد الأسبوع الماضى عدة وقائع في أماكن مختلفة من العالم تستحق التعريف بها لمن لم يعلمها والتأمل لمن َعلم بها. الواقعة الأولى بإسبانيا؛ حيث صدر حكم بالحبس لمدة ستة سنوات وستة أشهر على الزوج الحالي للأميرة كريستينا شقيقة فيليب ملك أسبانيا الحالي بتهمة الفساد. ولأكون أكثر تحديداً بتهمة قيام الشركة التي يملكها مع أحد الشركاء الآخرين ببيع سلع وخدمات لجهات حكومية بأسعار مبالغ فيها مقارنة بأسعارها في السوق. كما غرمت المحكمة الأميرة كريستينا نفسها مبلغ 65000 يورو بسبب مخالفات ضريبية. وتعد هذه اول سابقة لمحاكمة أي فرد ينتمي للعائلة الملكية. وعليه، هل ُيتوقع خروج الشعب الإسباني عن بكرة أبيه للمطالبة بسقوط الملك لفساد زوج أخته، أم سيرتفع رصيده لدى شعبه ويحسب له أنه أول ملك يتم في عهده محاكمة أحد أقرب أقربائه بل وإدانته وحبسه؟
ومن أسبانيا إلى كوريا الجنوبية، حيث تم القبض على الرئيس التنفيذي لشركة سامسونج بتهمة الفساد أيضاً، وهي الشركة التي تعد أحد أهم أعمدة الاقتصاد الكوري، حيث ُتسهم وحدها بأكثر من 20% من الناتج القومي الإجمالي لكوريا، ويعمل بها أكثر من 480 ألف موظف. ولكن لم يشفع كل ذلك له، بل ولم يستطع إبتزاز الدولة بقروضه لدى البنوك أو عدد موظفيه الذين لم يخرج واحد منهم في تظاهره أو إضراب لطلب الإفراج عنه ولم يوظف الإعلام للدفاع عنه.
أما في فرنسا، حيث بلغت حملات مرشحي رئاسة الجمهورية ذروتها، تم توجيه الاتهام بالفساد لفرانسوا فيلون أحد أبرز مرشحي الرئاسة لاستغلاله أموال الحكومة في توظيف زوجته وأفراد من عائلته وتخصيص رواتب لهم. يحدث ذلك في الوقت الذي يصدر فيه إيمانويل ماكرون أبرز مرشحى الرئاسه ووزير الاقتصاد الأسبق ذو ال 39 عاماً، تصريحاً يطالب فيه الدولة الفرنسية بالاعتذار للجزائر عن الجرائم والأعمال البربرية التي ارتكبتها أثناء فترة إحتلالها. وهو بالطبع يعد السابقة الأولى من نوعها لأي مسئول أو سياسى فرنسى يعترف بوضوح بتلك المجازر ويدعو للإعتذار عنها.
تلك كانت الوقائع أما عن مغزاها والعبر المستخلصة منها، فقد تختلف من شخص لآخر حسب طبيعته وتكوينه النفسى.فقد يرى المتشائم أن الفساد قد أكل الأخضر واليابس وطال كل المجتمعات بفئاتها المختلفة، بينما قد يرى المتفائل صحوة عالمية للضمير وإصرار على مكافحة وإقتلاع الفساد مهما كان نفوذه وسطوته، وأنه في النهايه لا يصح إلا الصحيح.
كن متفائلاً!!
