top of page

لحظة الاختبار



دائما ما تأتى لحظة الاختبار بشكل غير متوقع، ودائما ما تأتى المنحة الإلهية متخفية في صورة محنة. فما كاد مصطفى يبلغ من العمر 3 سنوات إلا وبدأت تظهر عليه أعراض مرض التوحد الذي لم يكن معروفاً ويسهل تشخيصه في ذلك الوقت. مما دفع والدته مها هلالي للاستعانة بأطباء في الخارج للتأكد من صحة تشخيص حالته. ثم بدأت رحله شاقة لعدم وجود مراكز مؤهلة ومتخصصة للتعامل مع هذا المرض وتأهيل مرضاه في مصر، وكذلك لعدم درايتها الكافية بهذا المرض ومن ثم الأسلوب الأمثل للتعامل مع إبنها لتأهيله ودمجه في المجتمع. فما كان من الأم إلا أن أرسلته إلى أحد المراكز المتخصصة في بلجيكا لتلمس تحسناً في حالته وتلمس أيضا الحاجة الماسة لوجود مثل هذه المراكز المتخصصة في مصر، خاصة أن المعدل العالمي للإصابة بهذا المرض يبلغ واحد لكل خمسمائة شخص وأن عدم دمج مصابي هذا المرض في المجتمع وإطلاق ملكاتهم يعد إهدار علاوة علي الجانب الإنساني. فيكفي أن نعلم أن ضمن مصابي مرض التوحد الموسيقار العالمي موزارت وعلماء مثل إسحق نيوتن وأينشتاين وداروين بالإضافة الى الفنان العالمي مايكل أنجلو والرئيس الأمريكي توماس جيفرسون صاحب وثيقة الاستقلال الشهيرة. وهكذا، قررت السيدة مها هلالي الاستقالة من وظيفتها في أحد المؤسسات التابعة للأمم المتحدة لتحصل على الماجستير من إحدى جامعات لندن في مجال التعليم لذوي الأحتياجات الخاصة وتؤسس مركزLRC سنه 1996 لتعليم مرضى التوحد وتأهيلهم بهدف دمجهم في المجتمع، حيث لم تقم فقط بتأهيل المئات من ضحايا هذا المرض، بل أيضا تدريب أهالي المرضى والمدرسين والأطباء على التعامل السليم معهم والمشاركة في تأهيل هؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى نشر الوعي المجتمعي عن هذا المرض وأهمية دمج مرضاه في المجتمع.


ولعلمها أن الكثيرين من أهالي المرضي لا يستطيعون تحمل مصاريف هذا المركز قامت بتأسيس جمعية “ADVANCE” التي لا تهدف للتربح لتمكين غير القادرين من المرضى على التعلم والاندماج في المجتمع . كما ساهمت أيضا في تأسيس الشبكة العربية للتوحد التي تضم 15 دولة عربية بهدف نشر الوعي المجتمعي والعمل على توفير بيئة صحية خاصه لمصابي هذا المرض، بالإضافة إلى توفير أحدث طرق العلاج والتعليم والتأهيل لهم.


اليوم يبلغ مصطفى من العمر 26 عاماً ويعمل في الزراعة ويهوى ويمارس السباحة. لقد نجحت مها في الامتحان بجدارة وقدمت للمجتمع منحة من محنتها.


لعلى أكتب هذه السطور ليس فقط مساهمة منى في شهر إبريل وهو شهر التوعية بمرض التوحد، وليس فقط لما تحمله هذه القصة من عبر كثيرة ومعاني عميقة، ولكن لأنه في أغلب الأحوال لا تعد مثل هذه القصص لأناس يعيشون بيننا ملهمة بالقدر الكافِ للإعلام ولمنتجي الدراما ليسلطوا الضوء عليها مقارنة بقصص تجار المخدرات والبلطجية.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page