top of page

أعقل الناس...



أثيرت خلال الأسبوع الماضي ضجة كبري حول لاعب منتخب مصر الأسبق للمصارعة "طارق عبد السلام" بسبب حصوله على الجنسية البلغارية وفوزه بالميدالية الذهبية في بطولة أوروبا باسم بلغاريا. وقد تداولت وسائل الإعلام إلى جانب إتهامه ببيع الوطن والخيانة روايتين: الأولى رواية اللاعب نفسه التي برر فيها ما فعله بتخلي الإتحاد المصرى للمصارعة والوزارة عنه وعدم دعمه لدرجة عدم الموافقة على تحمل مصاريف علاجه، والثانية رواية رئيس الإتحاد التي أنكر فيها ذلك وأكد على عدم موهبة اللاعب وبأنه كان ُيهزم بسهولة حتى ممن هم أصغر وأقل خبره منه من اللاعبين المصريين. وبما أننا اعتدنا على الضجة المثارة من تداول القصص المختلفة، فقد يكون من العبث الوصول إلى حقيقة الأمر. لكن قد يكون من المفيد تأمل هذا الموضوع من زاوية مختلفة عن نمطية ما اعتدنا عليه.


فبادئ ذي بدء من المؤسف أن يكون الخلاف كون اللاعب موهوباً بالقدر الكاف الذي يستحق معه العلاج أم لا؟ لأن أي ماطن لاعباً كان أم لا، موهوباً كان أم لا، يحق له العلاج على نفقة الدوله دون شرط. ثانيا، بما أن رئيس الإتحاد قد أقر بعدم موهبة وتميز اللاعب الذى فاز فيما بعد بالمركز الأول في بطولة أوروبا عندما أشرف الاتحاد البلغاري على إعداده، فذلك يستوجب إعادة النظر في أسلوب تقييم الإتحاد المصرى للاعبيه وأسلوب إعدادهم. ويسرى ذلك بالطبع على كل الإتحادات الرياضية التي ربما تهدر إكتشاف وإعداد كثير من المواهب بالألعاب المختلفة بعدم إتباع الأسلوب الأمثل في هذا الشأن.


ثم نأتى إلى سبب إثارة الضجة نفسها، حيث يجب أن نتسائل لماذا لا ُتثار ضجة مماثلة عند هجرة عقول مصرية في شتى المجالات مثل العلوم والطب وغيرها مثلما أثيرت عند هجرة ذلك اللاعب؟ ألم يهاجر من قبل الدكتور أحمد زويل رحمة الله عليه وحصل على الجنسية الأمريكية وعند حصوله على جائزة نوبل كان مصدر فخر لكل مصري؟ ألم يفعل ذلك أيضاً الدكتور مجدي يعقوب وحصل على الجنسية البريطانية، وهو الذي سيبقى دوماً وساماً غالياً على صدر كل مصري؟ ألم يفعل مثلهما الكثيرون ورغم ذلك أعطوا بسخاء لمصر ربما أكثر بكثير من عطاء محترفى إلقاء تهم الخيانة وعدم الإنتماء على الكثير كل يوم؟ ثم هل بالقياس ُيخوًّن أبنائنا المتفوقين لحصولهم على منح دراسية في أرقى الجامعات في العالم وحصولهم على جنسية دول أخرى بعد سنوات قليلة من إقامتهم فيها؟ وكذلك آلاف الأمهات اللاتي تسافرن للوضع في مستشفيات دول أجنبية بهدف حصول المولود على جنسية تلك الدول. وفوق كل ذلك، كيف نتوقع أن من ُأتهم بالخيانة قد يعود يوما ما ليفيد الوطن؟ لماذا نحرم مصر من طارق عبد السلام إذا توفرت لديه الخبرات بعد سنوات َقلت أو طالت من العودة لتدريب منتخب مصر ليقوده للحصول على ميداليات أوليمبية بدلاً من تخوينه؟


وختاماً وفى المقابل، هل نعتبر نجيب الريحانى خائناً للعراق لأنه تركها وجاء إلى مصر؟ وكذلك أمير الشعراء أحمد شوقى والشيخ محمد عبده ذوي الأصول التركية و غيرهم الكثير ممن أسهموا في بناء مصر في شتى المجالات من ذوي الأصول غير المصرية !!

"أعقل الناس أعذرهم للناس" سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page