وزير الأمل المستهدف
قد يفهم البعض أن الُمستهدف من عنوان المقال هو الأمل، وقد يفهم آخرون أن الُمستهدف هو الوزير. والواقع أن "الاستهداف" كصفة تجب وتعود على الاثنين معاً.
فبالنسبة للأمل، كيف لا نستهدف جميعا أمل إصلاح "المنظومة التعليمية " باعتبارها السبيل الوحيد للقضاء على الجهل والفقر والتطرف وانهيار الأخلاق؟ ألم يكن ذلك هو الأمل الذي فشلنا في تحقيقه على مدار عقود عديده حتى أوشك الأمل على التبخر وحل محله اليأس؟ لكن ها هو الدكتور/ طارق شوقي يتولى مهمة إحياء الأمل من جديد بل والأهم من ذلك تحقيقه. فأصبح الرجل مستهدفاً من كافة أفراد شبكة المنتفعين من فشل المنظومة التعليمية في مصر بغرض إفشاله ووأد هذا الأمل بأي ثمن وهم ُكثر وبلا شك.
فعندما يعلن الوزير عن نيته في إعادة النظر في نظام الثانوية العامة العقيم، فإنه بذلك يزيح عقبة كؤود تقف في سبيل إصلاح التعليم. لكنه في ذات الوقت يضرب سماسرة وتجار الرعب من الثانوية العامة الذين تربحوا المليارات على مدار العقود السابقة من إبتزاز الطلبة وأولياء الأمور بشتى الطرق لعل أبرزها، الدروس الخصوصية ومراكز مجموعات التقوية وغيرها. وبالطبع، لن يقف هؤلاء مكتوفى الأيدي دون إستخدام كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لإفشال أو حتى التخلص من الوزير. كما يسرى ذلك بالطبع على مافيا الكتاب المدرسي أيضاً؛ حيث ينوى الوزير وضع حد لإهدار المليارات في طباعة الكتاب المدرسى ومناقصاته الشهيرة والمشبوهة عن طريق الاعتماد على الكتب والمراجع الإلكترونية. لذا، فلا يتوقع أن تكون مقاومة تلك المافيا أقل شراسة من مافيا الدروس الخصوصية وتجار الخوف من الثانوية العامة. أما عن معركة الكثير من أصحاب المدارس الخاصة والدولية مع الوزير، فحدث ولا حرج. فقد بدأت منذ أشهر قليلة وما زالت فصولها تتوالى، والتي تشهد لأول مرة محاولة حقيقية من وزير لكبح جماح جشعهم وإستغلالهم المتمثل في المغالاة الشديدة في أسعار الدراسة في هذه المدارس والزيادة السنوية لها ، الذي أصبح في بعض الأحيان يفوق تكلفة إرسال الأبناء للدراسه بالخارج! ولعل أكثر الفصول إثارة هو إبتزاز أصحاب هذه المدارس لأولياء الأمور عن طريق تهديدهم إما أن يقروا كتابة على موافقتهم ورضاهم بقيمة المصروفات الدراسية للعام القادم أو تغلق المدرسة أبوابها وتحجب نتائج أبنائهم للعام الدراسى الحالي!!
إذا كان هذا الوزير المستهدف من قبل كل هؤلاء يحمل أملنا جميعا في التغلب على مشاكلنا الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والأخلاقية عن طريق إصلاح التعليم، فليس من العدل أن نتركه يخوض كل هذه المعارك الشرسة وحده. بل يجب أن نسانده بكل الطرق والوسائل ونستهدف من يستهدفونه ممن يحاولون القضاء على الأمل الذي ربما يكون الأمل الأخير.