top of page

صنع في مصر



بقدر التحدي الذي يشكله التغيير في قواعد المنافسة في أي صناعة بفعل التطور التكنولوجي على من هم علي قمة هذه الصناعة بقدر الأمل و كم الفرص التي يتيحها لغيرهم ممن يضعون استراتيجيات تؤهلهم لما سوف تكون عليه تلك الصناعة مستقبلا و ليس مواكبة ما هي عليه الآن.


والسبب بديهي، وهو أن التطور ليس له محطة أخيرة وفي الوقت الذي تصل فيه هذه الاستراتيجية بصاحبها للمحطة المنشودة، سيكون قطار التطور قد سبق بعدة محطات وتأخذ الفجوة في الاتساع.


وهذا بالضبط ما شهدناه في الكثير من الصناعات، فلم تسع مثلاً شركة سامسونج لمنافسة شركات مثل نوكيا وموتورولا وإريكسون في سوق الهواتف المحمولة فيما كانت تصنعه آنذاك ولكنها قرأت المستقبل الواعد للهواتف الذكية وبنت استراتيجيتها بهدف التفوق فيما سيكون عليه المستقبل وليس على الحاضر وقد كان. وكذلك فعلت شركة "Netflix" في مجال الإعلام حيث تخطت قيمتها السوقية الآن شركة "Fox" وغيرها من الشركات الرائدة في هذا المجال والعديد من محطات التليفزيون المرموقة.


يجب أن تكون هذه الأفكار حاضرة وبقوة مع إعلان وزارة الصناعة استقدام خبراء لوضع استراتيجية لصناعة السيارات في مصر. وذلك لما تشهده هذه الصناعة من تغير جذري يسير بخطى سريعة جداً في اتجاه السيارات الكهربائية والتي يظن البعض أنها مجرد ترف يدعو إليه محبي الحفاظ على البيئة ومن يطلق عليهم "حزب الخضر"، ولكن يتضح لنا أن هذا الظن ليس في محله إذا علمنا بعض مما يدور حولنا في هذا الشأن. فمن المتوقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية في السوق الأوروبية فقط الى 150 مليون سيارة قبل حلول عام 2050. وفي الهند، حيث أعلن وزير الطاقة بأن حكومته تستهدف بأن تكون كل السيارات في الهند كهربائية مع حلول عام 2030. لذا، لم يكن مستغرباً أن تتخطي القيمة السوقية لشركة "تيسلا" "Tesla" الأمريكية وهي الشركة الرائدة في هذا المجال القيمة السوقية لشركتي فورد وجنرال موتورز. فقد تجاوز عدد حاجزي سيارتها الجديدة "Model 3" قبل نزولها النصف مليون، وهي السيارة التي يبدأ سعرها من 35 ألف دولار وتستطيع بطاريتها قطع مسافة 310 ميل دون الحاجة الى إعادة شحنها. ولأن ذلك يشكل خطراً على ريادة ألمانيا في صناعة السيارات، فقد قررت الحكومة الألمانية دراسة فرض حصة اجبارية على كل شركات السيارات الألمانية من انتاج السيارات الكهربائية لإجبارهم على التطور في هذا المجال. وقد قامت أكثر من 30 دولة بإصدار قوانين تشمل حوافز كثيرة لامتلاك وتصنيع السيارات الكهربائية بدلاً من التقليدية. فقد وصل حد الإعفاء الضريبي مثلاً في أمريكا الى 7500 دولار، فيما أعفت المغرب السيارات الكهربائية تماماً من الجمارك.


وخلاصة القول هو أن ما ينطبق على صناعة السيارات ينطبق على أي صناعة أخرى. فإما أن نستوعب التكنولوجيا وما يطلق عليه الـ "Know how” وإما سنظل نستورد سيارات مفككة، ويكون منتهى أملنا إعادة تجميعها محلياً لنكتب عليها " صنع في مصر".

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page