top of page

ليس بالتداول فقط



يتم حالياً الإعداد لمسودة جديدة لقانون تداول المعلومات، حسبما تداولته وسائل الإعلام مؤخراً. وهو القانون الذي بدء الاهتمام به قبيل ثورة يناير 2011 بأعوام قليلة، وتم بالفعل إعداد عدة مسودات له ولكن لم يكن مقدراً له أن يرى النور. وقد كانت المسودات التي ُأعدت آنذاك تركز فقط على تنظيم تداول المعلومات وتجريم حجبها وذلك بهدف إتاحة المعلومات للجميع بفرض توافرها وبفرض أنها دقيقة وصحيحة ولم ُيعنى القانون على الإطلاق بالشق الأهم وهو صناعة المعلومات. والمقصود هنا بصناعة المعلومات، هو الصناعة التي تعنى باستخلاص المعلومات من مصادرها الرئيسية والأولية "Primary Data" عن طريق الاستقصاء والأبحاث الميدانية وتحليلها. وهي الصناعة التي يزيد حجمها في العالم عن 44 مليار دولار. ويتناسب حجم هذه الصناعة في كل دولة طردياً مع درجة تقدمها وتطورها. فمثلاً يبلغ حجمها في أمريكا حوالي 19 مليار دولار وفي ألمانيا 4 مليار دولار، بينما في مصر يبلغ 40 مليون دولار. حيث تعتمد تلك الدول كلية على هذه الصناعة في الحصول على المعلومات وتوفيرها لمتخذي القرار في كافة المجالات، اقتصاد، سياسة، ثقافه، اجتماع، اعلام وإعلان وغيرها بما يجعل هذه الصناعة محركاً أساسياً لتطور ونهضة هذه الدول.


وبتأمل البيئة المعلوماتية الحالية، نجد ان متخذي القرار لدينا لم يعتد يعتادوا على ثقافة بناء قراراتهم على المعلومات. كما أن التحدي الأساسي الذي يواجههم – بفرض وجود ثقافة الاعتماد على المعلومة - هو جودة ودقة المعلومة وليس ندرتها، وهو ما ُتعنى به صناعة المعلومات.


ورغم ذلك، لا يوجد في مصر أي قانون ينظم تلك الصناعة الهامة سوى مادة واحدة في قانون الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والذي صدر في عام 1961. ولذلك، يستطيع أي شخص أن يخرج علينا بنتائج بحث ميداني دون أدنى اثبات حتى بأنه قد قام به بالفعل، ناهيك عن اتباع القواعد العلمية الصحيحة من عدمه، وذلك إما حباً في الظهور أو دعماً لجهة أو لشخص أو توجه ما. والأكثر من ذلك انتشرت الآن الكثير مما يطلق عليها "المراكز البحثية" التي لا ُيعرف ما إذا كانت شركات أم مؤسسات غير هادفة للربح. وتستطيع عمل ما تريده من أبحاث واستقصائيات بغض النظر عن اتباع أي منهجية علمية ومهنية أو حتى الالتزام بميثاق الشرف المهني واحترام حقوق المبحوثين والحفاظ على خصوصيتهم وسرية بيانتهم الشخصية في ظل غياب أي قانون ينظم هذه الصناعة وغياب المؤسسات البحثية المهنية المعنية بالإشراف على هذه الصناعة والعمل على تنميتها وتنمية العاملين فيها.


الآن، وقد عاد قانون تداول المعلومات الى حيز الاهتمام، ينبغي أن ُتعاد تسميته ليصبح "قانون صناعة وتداول المعلومات" وأن تركز مواده على تنظيم وتنمية ودعم هذه الصناعة الهامة. حيث أن دقة المعلومة وجودتها تأتي قبل التأكد من تداولها. ثم يبقى التحدي الأكبر، وهو إدراك متخذي القرار لأهمية اعتمادهم على البيانات والمعلومات في اتخاذ القرارات.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page