top of page

البيانات المستباحة



تعد شركة "Equifax" إيكيفاكس من أكبر ثلاث شركات استعلام ائتماني في العالم وفي أمريكا. وهي الشركات التي توفر معلومات عن الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات للبنوك والمصارف والتي تبني على أساسها قرارات منح الائتمان بكل أنواعه بما في ذلك اصدار كروت الائتمان. ومن ثم، فإن من يريد التعامل مع الجهاز المصرفي بأي صورة ليس لديه أي خيار سوى توفير كل بياناته الشخصية والمالية لمثل هذه الشركات، كما أنه لا يستطيع منع هذه الشركات من حجب هذه المعلومات عن البنوك أو الأطراف المرتبطة مالياً بالعميل حالياً ومستقبلياً.


وقد تعرضت هذه الشركة في السابع من سبتمبر الماضي لاختراق قاعدة بياناتها، ما تسبب في تسرب البيانات الشخصية والمالية لأكثر من 143 مليون من عملاء البنوك، وجعلها عرضة للاستغلال في عمليات النصب والاحتيال. وبالفعل تعرض على الفور أكثر من 209 ألف عميل لعمليات نصب وانتحال شخصية واستخدام زائف لكروتهم الائتمانية. وتبع ذلك بالطبع انخفاض بلغ 31% في قيمة أسهم الشركة. ومن ثم قامت الدنيا ولم تقعد من سبتمبر وحتى الآن. ليس بسبب انخفاض أسهم الشركة بالطبع ولكن بسبب اختراق قاعدة بيانات المستهلكين، لدرجة أنه تم تشكيل 3 لجان تابعة للكونجرس لدراسة المعايير المطبقة لحماية هذه البيانات ومدى كفايتها وكيفية حدوث هذا الاختراق ومنع تكرار حدوثه مستقبلاً.


يحدث هذا في أمريكا، حيث يوجد بالفعل قوانين لحماية سرية بيانات المستهلكين وخصوصيتها. وهو ما مكن مفوضية التجارة"FTC" من منع شركة راديوشاك إبان افلاسها من بيع أصولها والتي تشمل قاعدة بيانات لـ 117 مليون عميل لشركة "جنرال وايرلس" لإخلالها بقانون حماية خصوصية المستهلك الذي يجرم إفصاح أي جهة عن بيانات عملائها لأي طرف دون الحصول على موافقه كتابية منهم.


وفي مصر، قام أحد موظفي كبرى شركات المحمول بأخذ نسخة من قاعدة بيانات العملاء وقام ببيعها للشركة المنافسة ولم يحرك أحداً ساكناً وحدث نفس الشيء في كبرى شركات الاستثمار العقاري وفوجئ عملائها باتصال مجهولين بهم على دراية بأسمائهم وأرقام وحداتهم والثمن الذي اشتروا به هذه الوحدات، وأيضاً لم يحرك أحداً ساكناً.


الآن ومع محاولات البنك المركزي والبنوك العاملة في مصر تحفيز وتشجيع الشمول المالي وما يستتبعه من زيادة في قاعدة المتعاملين مع البنوك. وكذلك مع توسع عمل شركات الاستعلام الائتماني في مصر وما يعنيه ذلك من زيادة حجم البيانات السرية الخاصة بالعملاء التي ستستحوذ عليها، فإن ذلك وبلا شك يعرض بيانات هؤلاء العملاء وبالتالي السوق المصرفي لمخاطر كبري ما لم يتم بالتوازي وضع المعايير والتدابير اللازمة لتأمين هذه البيانات من الاختراق وسوء الاستغلال. ولا يقتصر الأمر بالطبع على السوق المصرفي، بل يمتد ليشمل كافة الأنشطة والجهات التي تحتفظ بالبيانات الخاصة بعملائها لوضع حد لهذا الانتهاك المستمر لخصوصية المواطن، ولتجريم تجارة قواعد بيانات العملاء التي أصبحت رائجة جداً هذه الأيام ويتكبد ثمنها هؤلاء العملاء وحدهم. فهل نتحرك لحماية بياناتهم المستباحة؟

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page