top of page

تأمين الكرامة الوطنية



إن عدم قدرة أي مواطن في الحصول على المأكل أو المأوى أو التعليم أو العلاج لا يمس فقط كبريائنا وكرامتنا الوطنية في الصميم، بل وإنسانيتنا أيضاً. وبما أن عدد غير القادرين على العلاج يبلغ في مصر حوالي 24 مليون مواطن فصدور قانون ينص على كفالة الدولة لهم بتوفير غطاء صحي كامل يعد في حد ذاته صوناً ليس فقط لكرامة وكبرياء غير القادرين وإنما لكرامتنا جميعاً.


لذا، فإن الانتهاء من مسودة قانون التأمين الصحي من قبل الحكومة يعد إنجازاً في حد ذاته طالما أنه يضمن علاج غير القادرين بغض النظر عن التحديات الكثيرة التي سيواجها هذا القانون إما بسبب بعض الثغرات فيه أو بسبب صعوبات التنفيذ. وعليه، يتوجب علينا جميعاً مساندة هذا القانون كي يرى النور في أقرب وقت بأقل ثغرات ممكنة.


تنص مسودة هذا القانون على أنه سيتم تطبيقه على ثلاث مراحل جغرافياً: حيث تشمل المرحلة الأولى مدن القناة وتستغرق ثلاث سنوات، وهكذا لباقي المراحل حتى تكتمل التغطية بعد 12 سنه. وهو ما يعني ضمنا أننا نطلب من قطاع كبير من غير القادرين انتظار 12 سنة حتى يشملهم هذا القانون. الأمر الذي يتعارض مع الهدف الأساسي من القانون وإن كان هذا التقسيم الجغرافي والفترة الزمنية لازمين لتوفير الموارد المالية وتأهيل المستشفيات لتقديم خدمة صحية لائقة وآدمية لـ 24 مليون مواطن من غير القادرين. لذا، فحري بنا أن نسرع بالبحث عن الحلول الممكن كي لا ينتظر غير القادرين كل هذا الوقت.


فإذا كان ولا بد أن يتم تطبيق القانون على مراحل، فلتعطي الأولوية في مراحله الأولى لغير القادرين بغض النظر عن توزيعهم الجغرافي أو لنبدأ بالمحافظات التي تزيد فيها نسبة غير القادرين. ولتوفير الموارد اللازمة لم لا يتم إلزام كل من يزيد دخله على 20000 جنيه شهرياً على مستوى الدولة كلها بدفع اشتراك السنة الأولى في نظام التأمين الصحي دون أن يشمله هذا التأمين في تلك السنة. وبالتالي، تتحقق إيرادات كبيرة لمنظومة التأمين لا يقابلها مصروف لعلاج تلك الفئة المقتدرة.


الأمر الذي يسمح بإدخال عدد أكبر من غير القادرين في المنظومة فوراً، وفي المقابل َتحصل تلك الفئة المسددة للاشتراك التأميني من القادرين على إعفاء ضريبي من ضريبة الدخل نظير ما تنفقه على العلاج.


كما أن تطبيق هذا القانون سيشكل رواجاً كبيراً في قطاع الصحة. لذا يمكن تحصيل رسوم تدفع لمرة واحدة خلال العام الأول من تطبيق القانون من المستشفيات الخاصة والاستثمارية ومراكز الإشاعات والتحاليل مقابل إدراجها ضمن منظومة التأمين الصحي. وهو ما سيضمن لها تحقيق إيرادات غير مسبوقة.


وعلاوة على ما سبق، يمكن ابتكار الكثير من الآليات التسويقية لشركات الأدوية والتي يمكن أن تدر عائداً كبيراً لمنظومة التأمين الصحي وكذلك الاهتمام بالصحة الوقائية والتوعية التي من شأنها إحداث تخفيض كبير في تكلفة العلاج التي سوف تتحملها تلك المنظومة، وذلك كله بهدف توفير الغطاء الصحي لغير القادرين أولاً وفي أسرع وقت ممكن.


وأخيرا، فلدي ثقة كبيرة أن إشراك القطاع الطبي الخاص وشركات الأدوية في دائرة النقاش حول هذا القانون سيكون له مردود إيجابي لسد ثغرات القانون وطرح أفكار مفيدة تسهم في تحقيق أهدافه بشكل أكثر فاعلية. حيث لم نشهد حتى الآن أي تعليق منهم منذ الإعلان عن مسودة القانون.


إن تأمين كرامتنا الوطنية يستحق ذلك وأكثر كثيراً.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page