عيد العزاب

عندما قررت شركة "علي بابا" في عام 2014 طرح أسهمها في البورصة لم يتصور أحد بأنها سوف تصنع تاريخاً جديداً لعمليات الطرح في البورصة؛ حيث حققت آنذاك أكبر طرح في تاريخ البورصة بقيمة تزيد عن الـ 25 مليار دولار. وهو ما يعكس ثقة هؤلاء المكتتبون في أسهم الشركة وفي مستقبلها وإدارتها.

الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على هذا النجاح، أثبتت هذه الشركة وإدارتها بأنها جديرة بتلك الثقة وبقدرتها ليس فقط على الصعود للقمة، بل والحفاظ عليها باقتدار. فها هي تكتب تاريخاً جديداً مرة أخرى وتسجل رقماً قياسياً جديداً في عالم الأعمال والتسويق والإدارة بشكل عام وعالم مبيعات التجزئة بشكل خاص.

فمنذ عدة سنوات، كانت المبالغة في الاحتفال بعيد الحب حافزاً لحركة مجتمعية في الصين قادها طلاب الجامعات للمطالبة باحتفال مماثل للعزاب (الغير مرتبطين) للحفاظ على شعورهم وبعث البهجة لحياتهم، وتم اختيار يوم 11/11 من كل عام لهذا الاحتفال لترمز تلك الآحاد إلى العزوبية. وفي ذات الوقت أدركت إدارة شركة علي بابا بأن مبيعات شهر نوفمبر تعد أكثر شهور السنة انخفاضا حيث أنها تسبق مواسم الأعياد. لذا، قررت استغلال هذا اليوم الذي يقع في شهر نوفمبر لخلق سبباً مجتمعياً لزيادة المبيعات وعمل عروض وتخفيضات مشابهه لما يحدث في أمريكا "Black Friday". ولجعل هذا الحدث عالمياً استعانت الشركة في حملتها التسويقية لهذا اليوم بالممثلة العالمية "نيكول كيدمان" ومغني الراب الأمريكي "فاريل ويليامز" وبطلة التنس العالمية "ماريا شارابوفا" فماذا كانت النتيجة؟

حققت الشركة في أول 3 دقائق من اليوم مبيعات قدرها 1.5 مليار دولار لتصل إلى 10 مليار دولار بعد مرور أول ساعة لتصل في نهاية اليوم إلى 25.3 مليار دولار مبيعات لعملاء في أكثر من 225 دولة. في حين أن أكبر مبيعات تحققت على مدار الـ "Black Friday" لم تزد عن 3.3 مليار دولار وأن أكبر رقم حققته شركة "أمازون" في الـ "Prime Day" لم يتجاوز الـ 2.5 مليار دولار. وهكذا حققت، شركة علي بابا رقم مبيعات في يوم واحد يزيد عن الدخل القومي السنوي الإجمالي لدول بأسرها مثل الكاميرون وأيسلندا وغيرهما!!

وبالطبع، فإن الإنجاز ليس فقط في تحقيق هذا الرقم من المبيعات بقدر ما هو في المنظومة التكنلوجية والإدارية التي مكنتهم من تحقيق ذلك، فوراء تلك المبيعات التي تحققت في يوم واحد 256.000 عملية بيع تم تنفيذها في الثانية الواحدة لتصل إلى 1.48 مليار عملية بيع في هذا اليوم، وشحن 777 مليون طرد من البضائع التي تم بيعها في يوم واحد دون تأخير أو أخطاء.

وإذا علمنا أن 90% من عمليات البيع المذكورة تمت باستخدام الهواتف المحمولة يمكن أن نتصور مدى كفاءة وفاعلية البنية التحتية التكنلوجية التي سمحت بتحقق هذا الإنجاز، والأهم أن نتخيل العائد الاقتصادي المتوقع من الاستثمار في تلك التكنلوجيا وترشيد استخدامها لتستغل في الأنشطة المجدية اقتصاديا بدلاً من أن يقتصر دورها فقط على الترفيه وترويج الشائعات.

ويبقى أخيراً وليس آخراً العنصر الأهم وهو الفكر والعقول والإدارة المحترفة التي حققت هذا الإنجاز، والتي من الممكن جداً أن تتواجد بيننا إذا توافر لها التقدير المادي والأدبي الذي يليق بها. كل عيد عزاب وأنتم بخير.