top of page

الخيال وصناعة المستقبل



تداولت وسائل الإعلام المختلفة التصريحات التي أدلى بها السيد وزير الصناعة على هامش منتدى الصين والدول العربية عن المستهدف من استراتيجية صناعة السيارات في مصر خلال المستقبل القريب وحتى عام 2022. حيث يستهدف انتاج 500 ألف سيارة سنوياً وتصدير 100 ألف سيارة بقيمة 3 مليار دولار، والتي تبلغ حالياً 69 مليون دولار. ويتوقع أن يوفر ذلك 250 ألف فرصة عمل جديدة. كما تستهدف هذه الاستراتيجية جذب استثمارات جديدة ليتم ضخها في هذه الصناعة بقيمة 5 مليار دولار. لا شك أن الإعلان عن هذه الأهداف المحددة يعد في حد ذاته شيئاً ايجابياً، ليس فقط لأنه يبعث على التفاؤل والتطلع لمستقبل أفضل، ولكن ليتم استخدام هذه الأهداف كأساس لتقييم هذه الاستراتيجية وتعزيز ثقافة الالتزام بأهداف محددة والمحاسبة عليها.


ولكن ماذا عن الاستراتيجية نفسها؟ ماهي الفرضيات والتوقعات المستقبلية التي ُبنيت عليها، والأفكار والخطوات التي تضمنتها والتي يفترض في حالة تنفيذها أن تصل بنا لهذه النتائج؟ خاصة أن الإعلان عن هذه الاستراتيجية يأتي في الوقت الذي تتغير فيه قواعد اللعبة وصناعة السيارات تغيراً جذرياً. وهو التغير الذي جعل القيمة السوقية لشركة "تيسلا" "TESLA" الأمريكية تزيد عن القيمة السوقية لكبرى شركات صناعة السيارات والتي تربعت على عرش هذه الصناعة لسنوات طويلة مثل شركتي فورد وجنرال موتورز.

فقد أصبح التحول إلى تصنيع واستخدام السيارة الكهربائية واقعاً نعيشه وليس إرهاصات مستقبلية. كما أصبح استيعاب تكنلوجيا صناعة هذه السيارات هو العامل الأساسي لكسب الرهان على المستقبل. فمن الموقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية في السوق الأوروبية فقط 150 مليون سيارة قبل حلول عام 2050، وهي من الأسواق الأساسية التي تعتمد الاستراتيجية على التصدير لها. وفي الهند، أعلن وزير الطاقة بأن حكومته تستهدف بأن تكون كل السيارات في الهند كهربائية مع حلول عام 2030. ولم يكن مستغرباً بأن يتجاوز عدد حاجزي سيارة شركة "تيسلا" الجديدة "Model 3" النصف مليون قبل نزولها للأسواق وهي السيارة التي يبدأ سعرها من 35 ألف دولار وتستطيع بطاريتها قطع مسافة 310 ميل دون الحاجة إلى إعادة شحنها.

وكذلك قررت الحكومة الألمانية دراسة فرض حصة إجباريه على كل شركات السيارات الألمانية من إنتاج السيارات الكهربائية لإجبارهم على التطور في هذا المجال ومن ثم الحفاظ على ريادة ألمانيا في صناعة السيارات.


ومن الجدير بالذكر أيضاً في هذا الشأن بأن أكثر من 30 دولة قد قامت بالفعل بإصدار قوانين تشمل حوافز كثيرة للتشجيع على امتلاك وتصنيع السيارات الكهربائية بدلاً من التقليدية، فمثلاً وصل حد الإعفاء الضريبي في أمريكا 7500 دولار لمن يمتلك سيارة كهربائية، وحتى المغرب التي سبقتنا في هذا المجال قامت بإعفاء السيارات الكهربائية تماماً من الجمارك.


إن التحدي الذي يغلف هذا التغير الجذري في صناعة السيارات يحمل في طياته العديد من الفرص الواعدة، شريطة أن يكون أساس استراتيجيتنا القدرة على تخيل ما سوف يكون عليه المستقبل وليس الافتراض بأن المستقبل سيكون امتدادً للحاضر. فهل نطمع أن يكون الخيال حاضراً عند وضع استراتيجياتنا؟

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page