top of page

2018.. التفاؤل الحذر



ما أن نصل إلى الربع الأخير من العام إلا وتتسابق المؤسسات الدولية البحثية والخبراء الاقتصاديين العالميين في نشر توقعاتهم حول ما ستكون عليه الأوضاع في العام المقبل. وتقوم وسائل الإعلام العالمية بتسليط الضوء على تلك التوقعات وعمل مقارنات ومناظرات بين الآراء والتوقعات المختلفة بما يخلق مناخاً يساعد المجتمع على استقراء المستقبل والتعرف على ملامحه. ولا يعد ذلك من قبيل الرفاهية، بل بهدف تبنى الخطط الملائمة للتعامل مع تلك التوقعات المستقبلية في ضوء أسس علمية ومنطقية، ليس فقط على مستوى الحكومات والمؤسسات والشركات، ولكن على مستوى الأفراد أيضاً.

فالمفترض أن أي راشد لا يتخذ أي قرار شخصي استهلاكي كان أو ادخاري بمعزل عن إلمامه بملامح الوضع الاقتصادي في المستقبل وما قد يحمله من مخاطر وفرص. وإلا كانت لهذه القرارات الكثير من العواقب الوخيمة، ليس فقط عليه وحده بل على المجتمع ككل. فكم من أزمات وكوارث اقتصادية وقعت بسبب قرارات لأفراد توسعوا في الحصول على قروض لأغراض مختلفة دون اعتبار للوضع الاقتصادي السلبي المستقبلي المتوقع، لذي أثر بالسلب على دخولهم ومن ثم على قدرتهم على سداد هذه القروض، لتكون النتيجة انهيار اقتصادي ومالي.


ورغم ذلك، فإننا لا نجد اهتمام مماثل عندنا بمثل هذه الدراسات والتوقعات ودراسة كيفية التخطيط لاستغلال الإيجابيات التي يحملها معه العام المقبل وتجنب سلبياته. فها هو عام 2017 قد أوشك على الانتهاء ولم تفرد أياً من وسائل الإعلام أي مساحة لعرض وتحليل تلك التوقعات ومدى تأثيرها علينا. قد يكون السبب هو غياب ثقافة الاعتماد على المعلومات والتوقعات في اتخاذ القرار، ومن ثم لا يوجد شعور بالاحتياج لها في مقابل الأمور الأولى بالاهتمام الإعلامي مثل تحليل أحداث مباراة الرجاء والنصر في كرة القدم!!


وعن التوقعات لعام 2018 اقتصادياً، فإن أطرف ما ُكتب كان عنواناً نشر في "Bloomberg-Business Week" يبدو عاماً جيداً إلا إذا اقترف أحدهم شيئاً غبياً. والمقصود بأحدهم هنا هو "دونالد ترامب" بسبب ما تنطوي عليه سياسة "أمريكا أولاً" التي ينتهجها من قرارات وإجراءات معوقة للتجارة والاستثمار العالمي مثل خروج أمريكا من اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة أو الـ "NAFTA" وفرض كثير من القيود على الاستثمار الأمريكي خارج أمريكا.

ضف على ذلك رعونته في التعامل مع الشؤون السياسية والعسكرية والتي يكون لها بالطبع انعكاسات اقتصادية خطيرة.


أما الخطر الثاني الذي يلي ترامب فهو الإفراط في الثقة في تعافي الاقتصاد العالمي؛ حيث أن هذا التعافي كان مبنياً على التوسع في الاقتراض وما يحمله ذلك من مخاطر. وقد عبر عن ذلك الدكتور محمد العريان في مقال بعنوان "الاقتصاد العالمي لم يشف بعد" قائلا "من المبكر جداً إعلان أن مهمة التعافي الاقتصادي قد انتهت" وهو هنا يتحدث عن الاقتصاد العالمي ككل، لذا فإنه من الأولى ألا نتوهم غير ذلك على المستوى المحلى.

لنتفاءل لكن بحذر. وكل عام وأنتم بخير.

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page