top of page

إعلان وإعلام





ظلت شركة "كوداك" لسنوات طويلة تظن أن منافسها الأوحد هو شركة "فوجي"، وانه طالما استطاعت التفوق عليها فإنها تضمن التربع على عرش سوق انتاج الافلام والتصوير في العالم إلى الأبد. إلى أن قضت عليها بين ليلة وضحاها تقنية التصوير الرقمي والتي ظلت شركة كوداك تتجاهلها وتتجاهل قدرتها على قلب قواعد هذه الصناعة رأسا على عقب. وكذلك كان الحال مع شركة "نوكيا" للهواتف المحمولة حين ركزت على منافسها التقليدي "اريكسون" بينما أتاها الموت على يد الهواتف الذكية لشركة "أبل" و"سامسونج". تحضر هذه الأمثلة إلى الذهن بقوة عندما نتأمل ما يحدث في صناعة الاعلان والاعلام في مصر مقارنة بالتحول الجذري الذي حدث في هذه الصناعة عالميا.


في عام 2017 بلغ حجم هذه الصناعة 563,4 مليار دولار وهو العام الذي شهد لأول مرة تفوق الاعلان الرقمي في منصات الانترنت المختلفة على الاعلان التلفزيوني التقليدي، حيث بلغ 209 مليار دولار مقابل 178 مليار للإعلان التلفزيوني. أما عام 2018 فيشكل فرصة ذهبية لنمو إيرادات الاعلانات بسبب الأولمبياد الشتوية وبطولة كأس العالم، وحتى انتخابات الكونجرس الأمريكي. فيُتوقع أن يصل نمو الإعلانات الرقمية بنسبة 13% لتصل الي 237 مليار دولار مقابل نمو في الإعلان التليفزيوني فقط بنسبة 2.5 % لتصل الي 183 مليار دولار. وقد استحوذت شركتي ”google” و ”Facebook” على 20% من سوق الإعلان العالمي. لذا لم يكن مستغرباً أن تخسر مجموعة ”WPP”، وهي أكبر مجموعة شركات عاملة في مجال الإعلان، 13% من قيمتها السوقية الخميس قبل الماضي، وهي التي كنت قد أشرت في مقال سابق إلى انخفاض قيمة أسهمها 10% من قبل بالإضافة إلى انخفاض القيمة السوقية لأسهم مجموعة ”OMNICOM” وكذلك ”PUBLICIS”.


وهو ما أجبر رؤساء هذه الشركات على الإعلان عن إعادة هيكلة تامة لشركاتهم لتتناسب مع التغير الجذري في قواعد هذه الصناعة ولتستجيب للتغير في استراتيجيات كبار المعلمين مثل شركة ”P&G” ويونيليفر ونستله وغيرهم ممن لهم نصيب الأسد في الإنفاق الإعلاني. حيث أعلنت شركة ”P&G” عن خفض ميزانية إعلاناتها ب 2 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة. وقد وفرت فعلياً 750 مليون دولار عن طريق تقليل التعامل المباشر مع هذه الوكالات بنسبة 60%. بينما أعلنت شركة يونيليفر تخفيض إنفاقها الإعلاني 3 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة.


وكذلك قامت الشركات الرائدة في مجال الإعلام التقليدي بتدشين البوابات الخاصة بها للبث الرقمي مثل "ديزني" و"CBS" و "HBO" وغيرها وهو ما بدأ يؤتى ثماره في حصولها على حصة جيدة من الإعلان الرقمي الآخذ في النمو المطرد في مواجهة شركات الإعلان الرقمي السابق ذكرها وفى مواجهة شركة "NET Flex" التي يوجد لديها الآن أكثر من 104 مليون مشترك في 190 دولة، وبلغت إيراداتها 11 مليار دولار عام 2017. بل لم تعد هذه الشركات تضخ أي استثمارات جديدة في شراء أو تدشين القنوات التليفزيونية التقليدية.


ورغم كل ما سبق، لا تزال الشركات العاملة في هذا المجال في مصر تركز فقط على استنزاف مواردها في محاولة استقطاب الإعلان التليفزيوني التقليدي عن طريق إنشاء أو الاستحواذ على قنوات تليفزيونية جديدة أو استقطاب مذيع من هنا أو مسلسل من هناك بتكلفة ُمبالغ فيها، ظناً منها أن ذلك هو السبيل للحصول على حصة إعلانية أكبر في الوقت الذي يتوجه فيه العالم نحو الإعلان الرقمي. فهل تنجح في ذلك؟


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page