top of page

تواصل غير اجتماعي!



ذكرنا في معرض حديثنا الأسبوع الماضي عن التغيير الجذري في صناعة الإعلان والإعلام حقيقة استحواذ شركة "جوجل " "Google" و" فيس بوك" "Facebook" على 20% من سوق الإعلان العالمي. فما هو السر في ذلك؟


يكمن السر ببساطة في حقيقة مقولة أن "جوجل" تعلم بالضبط ما الذي نبحث عنه؟ و" فيس بوك" يعلم بالضبط من نحن؟ وهو ما يمكن المعلن فيهما من استهداف الشريحة المناسبة بالرسالة الأكثر دقة وتأثيرا عند مخاطبة هذه الشريحة تحديدا. ولكن ُيفترض ألا يتم ذلك على حساب الحفاظ على سرية وخصوصية البيانات الشخصية لمستخدمي تلك التطبيقات وعدم السماح للمعلنين بالحصول عليها. وهو ما لم يحدث مع الأسف في حالة " فيس بوك". حيث كان ذلك هدفاً ثانوياً مقابل هدف آخر، وهو الحصول على بياناتنا الشخصية مجاناً وبيعها بأعلى هامش ربح ومن ثم تحقيق أكبر أرباح للشركة في أقل وقت ممكن. وهو ما حدث مع "Cambridge Analytica" "كامبريدج أناليتيكا" وهي الشركة التي تعاقدت معها حملة مرشح الرئاسة الامريكية حينذاك "دونالد ترامب" لمساعدتها في التأثير على الناخب الأمريكي ليصوت لصالح مرشحها حيث مكنت "فيس بوك" الشركة المذكورة من الحصول على البيانات الشخصية التفصيلية ل 50 مليون ناخب أمريكي من مستخدميها واستخدام تطبيقات حديثه لتحليل تلك البيانات بالشكل الذى يمكنها من التعرف على الأنماط و الميول الشخصية و النفسية المختلفة لهؤلاء الناخبين، ومن ثم توجيه الرسائل التي تتناسب مع تلك الأنماط و الميول للتأثير عليهم ليصوتوا لمصلحة "دونالد ترامب". وهو ما كان له أكبر الأثر في فوزه بالانتخابات الرئاسية الامريكية.


وما أن بدأ هذا الامر اللاأخلاقي يتكشف مؤخراً، إلا وكانت شركة "فيس بوك" قد فقدت 60 مليار دولار من قيمتها السوقية كنتيجة لذلك في اقل من 5 أيام. وكيف لا طالما أن مستخدميها قد فقدوا الثقة فيها وفى قدرتها على الحفاظ على سرية بياناتهم الشخصية، وهو ما سيجعلهم يعيدون النظر فيما يتشاركونه من بيانات شخصية على هذا التطبيق أو حتى فيما يخص نطاق استخدامه، بما يقلل من قيمته التي يستمدها فقط من كبر قاعدة بيانات مستخدميه.


أما شركة " كمبريدج أناليتكا" فقد جعلت من مديرها التنفيذي كبشاً للفداء وقامت بعزله أملاً في عبور تلك الازمة الكبرى عن طريق تحميله وحده مسئولية ما حدث. وإذا كانت تلك الشركة قد نجحت في التأثير على انتخابات أكبر دولة في العالم بهذا الأسلوب، فعلينا أولاً أن نعلم من هم عملائها الآخرين؟ وما هي أهدافهم؟ وهل تلك الأهداف مشروعة رغم عدم مشروعية الأسلوب؟ وهل نجحت في تحقيق تلك الأهداف؟ حيث يمكن أن يكون للموضوع أبعاد أمنية خطيرة لدرجة أن بعض القوى السياسية حتى في كينيا اتهمت هذه الشركة بزعزعة الأوضاع الداخلية لمصلحة بعض القوى السياسية الأخرى باستخدام نفس الأسلوب المستخدم في الانتخابات الأمريكية.


أما ثانياً واخيراً بناء على ما سبق، أرجو أن تدرك الشركات والجهات في مصر التي لديها قاعدة بيانات لعملائها بأن تلك البيانات ليست ملكا لها ولا يحق لها التصرف فيها بالشكل الذي تراه. بل ويجب أن تتخذ من التدابير ما يكفل حماية هذه البيانات الشخصية والحفاظ على سريتها. كما يجب سن تشريع يلزم تلك الجهات بذلك ويعرضها للمسائلة في حالة المخالفة كما هو الحال في كل دول العالم، لكي لا ُتنتهك حياتنا كل دقيقة برسائل شركة مقاومة الحشرات الشهيرة و مكالمات سماسرة التسويق العقاري!

Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon
bottom of page