من يتذكر مراقيا؟!
- عمرو قيس
- Jul 30, 2019
- 2 min read

لمن لا يتذكرها، فهي أولى القرى التي تم بناؤها في الساحل الشمالي، تحديداً في الكيلو 51 على مساحة 2 كم في ثمانينات القرن الماضي. والتي كانت ِقبلة الصفوة وكبار رجال الدولة؛ حيث كان قضاء العطلة الصيفية فيها رمزاً للوجاهة الاجتماعية والمكانة الرفيعة. ثم تلي ذلك بناء قرية "ماربيلا" على نفس النمط في غياب تصور ومخطط عام لمساحة تزيد عن 500 كم تطل على أفضل شواطئ العالم وهي طول الساحل الشمالي الممتد من الإسكندرية الى السلوم. ثم توالى بناء العديد من القرى في هذه المنطقة بنفس الأسلوب والمنطق. فقد حرصت كافة الفئات على أن يكون لديها قراها في هذه المنطقة، فكانت قرية الصحفيين والمحامين والدبلوماسيين وأساتذة الجامعات وغيرهم. ثم تم بناء "مارينا" بمراحلها المختلفة على امتداد 16 كم من الساحل الشمالي، لتجتذب على مدار سنوات الصفوة من القرى السابق ذكرها. وبالتالي، تحولت تلك القرى لأماكن شبه مهجورة تعاني من نقص الخدمات وقلة الصيانة. ما أدى الى تدهورها وانهيارها وانهارت معها قيمتها السوقية، حتى جاء الدور على قرية "مارينا" لتشرب من نفس الكأس. فقد أدى بناء الجيل الجديد من القرى السياحية في العلمين وما بعدها الى هجرة الكثير من قاطني مارينا غرباً صوب تلك القرى الجديدة. وما يكاد يمر يوم إلا ونقرأ على صفحات الجرائد المشاكل التي تعاني منها مارينا وتدهورها.
وخلاصة القول هو أننا قد أنفقنا عشرات المليارات طوال الثلاثين عاماً الماضية في بناء قرى تظل مهجورة عشرة أشهر في العام إن لم يكن طوال العام، خصوصاً تلك القرى التي تم بنائها في المائة كيلو متر الأولى من الساحل الشمالي. وفى المقابل، نجد أن منطقة الريفيرا الفرنسية والتي لا تزيد مساحتها عن 115 كم يقطنها طوال العام 2 مليون نسمة وتستقطب 11 مليون سائح سنوياً. وهو ما يعطى مؤشراً لتكلفة الفرص البديلة الباهظة للمساحة المهدرة لدينا والتي تطل على أفضل شواطئ العالم.
بناء على ما سبق، فإن وجود مخطط عام بات ضرورة ملحة؛ بحيث لا يقتصر هذا المخطط على مدينة العلمين الجديدة، أو على ال 500 كم الممتدة من الإسكندرية الى السلوم، بل يشمل ال 1050 كم وهي طول الساحل الشمالي المطل على البحر المتوسط الممتد من رفح حتى السلوم. وحتى لو أستغرق تنفيذ هذا المخطط عشرات السنين، فسنضمن على الأقل أفضل استفادة مما حبانا الله به من مقدرات وموارد وأعلى عائد على تلك الأموال المستثمرة في تنفيذ هذا المخطط. كما أنه سيخلق الكثير من الفرص الاستثمارية للشركات والأفراد، وسيمنع الامتداد العشوائي الذي طالما عانينا منه على مدار السنوات السابقة.
وبالطبع لا ينبغي أن يتعامل هذا المخطط مع ما تم بناؤه في الماضي بشكل عشوائي على أنه أمر واقع ينبغي التوائم معه حتى وإن لم يحقق أقصى استفادة وعائد. بل إن تكلفة إزالة أي قرى لا تتوافق مع هذا الهدف لا تكاد ُتذكر مقارنة بتكلفة الفرص البديلة السابق ذكرها، خاصة مع انهيار قيمتها السوقية حالياً. بل يمكن تعويض أصحابها مادياً بسهولة أو عن طريق منحهم وحدات مماثلة في المخطط الجديد بقيمة سوقية أعلى من قيمة عقاراتهم الحالية المنهارة. كما سيضمن هذا المخطط حسن استخدام هذه المنطقة طوال العام، وسيجذب السياحة الخارجية بمستوياتها المختلفة ويعمل على توفير مصايف بمستويات مختلفة تتناسب مع كافة فئات المجتمع.
قد تشكل أخطاء الماضي في الكثير من الأحيان مشكله كبيرة، ولكن التأقلم معها وتغافلها دون تصحيحها هو المصيبة الأكبر.
Comentários