top of page

العاصمة السياحية

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • 11 minutes ago
  • 2 min read


لا شك أن ما شهدناه على مدار الأسبوعيين الماضيين من حرائق متكررة يعد ظاهرة ملفتة للنظر بشكل يستدعي التأمل والدراسة. ولعل نقطة البداية في دراسة هذه الظاهرة هي تأمل بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فوفق هذه البيانات بلغت حوادث الحريق في مصر عام 2024 حوالي 47 ألف حادث بزيادة قدرها 3% عن العام السابق له. و قد أسفرت حصيلة حرائق 2024 عن 232 حالة وفاة و831 مصاب. وتأتي مصادر النيران الصناعية والماس الكهربائي في مقدمة أسباب اشتعال هذه الحرائق بنسبة 50%. وعلى الرغم من عدم توافر بيانات حول التكلفة الاقتصادية لهذه الحرائق إلا أنها وبلا شك كبيرة.  وتحظي مدينة القاهرة بنصيب الأسد من هذه الحرائق. وهي المدينة المخطط لها أن تكون العاصمة السياحية والثقافية بعد اكتمال بناء العاصمة الإدارية وإنتقال الكثير من المصالح الحكومية والمقار الإدارية للشركات وغيرها من عناصر الجذب اليها.  ليسهم ذلك في تخفيف الكثافة السكانية للقاهرة والحد من عدد الوافدين إليها كل يوم من المحافظات الأخرى، بما يؤدى الى رفع مستوى جودة الحياة فيها مع إنخفاض نسب التلوث والضوضاء والإزدحام المروري. وكذلك إرتفاع مستوى جودة المرافق العامة والخدمات بسبب تقليل العبء الثقيل الواقع عليها.  و لكن ستستمر معاناة القاهره من حرائقها و من مشاكل أخرى عديده طالما لم يتم حل معضلة  التشابك والإلتحام داخلها بين ما هو سكنى وتجارى وصناعي.  ففي كل الأحياء والشوارع تقريباً يوجد عقارات بها شقق سكنية ومحال تجارية ومطاعم وورش، بل ومصانع أيضاً، خصوصاً ما يطلق عليها مصانع بير السلم. فعادة ما  تتشارك كل هذه الأنشطة في شغل عقار واحد في كثير من الأحيان أو عقارات متلاصقة في ذات الشارع.  وهو الوضع الذي لا يخفى على أحد ويعد نتاج سنوات طويلة من الفساد والعشوائية في إدارة المحليات، والتي نأمل في القضاء عليها في الأحياء الحالية وتجنبها في المدن والأحياء الجديدة.

فقد نتج عن هذا الإشتباك ما يعانيه سكان هذه العقارات حاليا من تهديد لحياتهم وممتلكاتهم بسبب وجود تلك المصانع والورش أسفل بيوتهم وتخزين الكثير من المواد الخطرة والقابلة للاشتعال في ظل غياب تام للحد الأدنى من متطلبات الأمان والسلامة.  وقد نجم عن ذلك الكثير من الحرائق والكوارث السابق ذكرها التي راح ضحيتها الكثير من الأرواح وتسببت في خسائر مادية فادحة.  أضف إلى ذلك التلوث بكافة أنواعه والزحام الشديد الناتج عن استغلال جراجات العقارات السكنية في أغراض أخرى وتسابق العاملين في تلك الشركات الصناعية والتجارية مع سكان العقارات على إيجاد أماكن لإنتظار سياراتهم وهو ما حول حياة هؤلاء السكان الى مأساة يومية.  وعلى الجانب الآخر، يعاني أيضاً العاملون في هذه الورش والمصانع من العمل في أماكن وظروف غير آدمية تفتقر لأدنى متطلبات الصحة والسلامة المهنية.

ولعل ما سبق يؤهل فض هذا الاشتباك لأن يكون ضمن أولويات الإدارة الحكومية في المرحلة الحالية، خاصة وأن فض هذا الإشتباك ليس بالأمر شديد الصعوبة.  فهو يتطلب بداية تحديد واضح للمناطق السكنية والتجارية والصناعية، ثم تحديد نوع الأنشطة المسموح بتواجدها في الأماكن السكنية وعددها، والاشتراطات اللازم توافرها للسماح بوجود هذه الأنشطة. أما بالنسبة لباقي الأنشطة غير المسموح بتواجدها في الأماكن السكنية فيتم منحها مهلة لا تزيد عن سنتين للانتقال للمناطق التي يتم تخصيصها لتلك الأنشطة خارج المناطق السكنية.  وبعد انقضاء المهلة وفي حال عدم انتقال هذه الأنشطة، يتم فسخ عقودها بقوة القانون، سواء من قبل المؤجرين أو من قبل المرافق العامة مثل الكهرباء والمياه والغاز، ومن ثم حرمانها من تلك المرافق بما سيجبرها إما على الانتقال او التوقف، لتتوقف معها مأساة يعاني منها الملايين من المواطنين يومياً، مما سيقلل من تلك الحرائق التي تحصد الأرواح والممتلكات.

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page