أحداثا كبيسة

ما هي إلا أيام قليلة ونودع سنتنا الكبيسة التي جثمت فوق صدورنا ل366 يوما و حملت في طياتها الكثير من الأحداث التي لن يتوقف تأثيرها فقط على تشكيل ملامح هذا العام، بل سيمتد ذلك الأثر ربما لعقود و أجيال قادمة.

يعتبر عام 2024 عاما تاريخيا بامتياز لأنه شهد انتخابات مصيرية في أكثر من 76 دولة يقطنها أكثر من 4 مليار إنسان على وجه الأرض.  ولعل أبرزها الانتخابات الأمريكية وما شهدته من إثاره تفوقت على إثارة أفلام هوليوود بدء من إدانة "ترامب" في 34 تهمة موجهة إليه في شهر مايو الماضي، ثم انسحاب بايدن من السباق الرئاسي لصالح كمالا هاريس، ومحاولات اغتيال ترامب، ثم نجاح ترامب المدوي وما قد يحمله ذلك من تبعات سياسية واقتصادية جسيمة. أما المكسيك جارة أمريكا، فقد أتت انتخاباتها ب"كلاوديا شنباوم" لتصبح أول سيده ترأس المكسيك. وشهد العام وفاة رئيس إيران والإطاحة بشيخة حسينة رئيسة وزراء بنجلاديش بعد قضاءها 15 عاما في الحكم. ولعل الاطاحة الأبرز هي الإطاحة ببشار الأسد والتي أنهت 53 عاما دمويا من حكم عائلة الأسد.   وقد امتدت مع الأسف حروب غزة والسودان واوكرانيا طوال العام، وستمتد على ما يبدوا لبدايات العام القادم. بل وقد يزيد دخول السويد حلف الناتو والذي شهده هذا العام مشكلة أوكرانيا تعقيدا.  ولم يكن فوز فيلم "أوبـنهايمار" المستحق بجائزة الاوسكار خلال هذا العام وما حمله في طياته من معاني عميقه إلا إنذارا أخيرا للقوى العالمية من انجرافها من على حافة الهاوية. أما اقتصاديا، فقد حقق العالم نموا اقتصاديا بلغ 3,2% بقيادة كل من الهند والصين، تلتهما الولايات المتحدة. كما شهد 2024 الانضمام الرسمي لمصر و أثيوبيا وايران والسعودية والإمارات العربية المتحدة لمجموعة "بريكس" الاقتصادية.  أما بيئيا، فقد أخذت وتيرة الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغير المناخي والاحتباس الحراري في التصاعد هذا العام، فشهدت أمريكا إعصار "هلين" الذي أصبح أكبر الأعاصير تدميرا وتكلفة في التاريخ؛ حيث تجاوزت تكلفته التدميرية 200 مليار دولار هذا العام. كما شهدت اسبانيا فيضانات خلفت أكثر من 200 قتيل. وعلى الصعيد التكنولوجي، تجاوزت قيمة شركة "نفيديا" 3 تريليون دولار لتعكس الطلب الكبير على الذكاء الاصطناعي والمستقبل الواعد لتطبيقاته المستقبلية، وذلك لتخصص تلك الشركة في تصنيع رقائق الكمبيوتر التي تستخدم في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.  ثم نأتي إلى الرياضة، التي كانت أهم أحداثها دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية الثالثة والثلاثون في باريس، التي أضاءت العالم بأداء رياضي استثنائي. وقد تصدرت أولمبياد 2024 الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الرابعة على التوالي.  وفي كرة القدم، توجت اسبانيا بكأس أوروبا، بينما توجت ساحل العاج بكأس افريقيا. وأخيرا، على الصعيد الفني، حققت حفلة أقيمت للفنانة مادونا في البرازيل هذا العام رقما قياسيا بحضور 1,6 مليون مشاهد، ليصبح أكبر حضور لحفل غنائي لمطربة في التاريخ.

ختاما، نتمنى من الله ألا يكون العام القادم عاما آخرا كبيسا، ليس فقط في عدد أيامه، ولكن في لطف الله بنا فيما ستحمله طياته من أحداث.  كل عام وأنتم بخير، وعاما سعيدا.