top of page

الأصفار الثلاثة

  • Writer: Amr Kais
    Amr Kais
  • Aug 24, 2024
  • 3 min read


تناولت وسائل الإعلام خبر تولي محمد يونس رئاسة الحكومة في بنجلاديش إبان هرب رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد إلى الهند في أعقاب الاحتجاجات العارمة عليها و إصرار هؤلاء المحتجون على تولية زمام البلاد. فلم هذا الاصرار على هذا الشخص؟ ترعرع محمد يونس في أسرة ميسورة الحال و عرف عن أمه «صفية خاتون» مساعدة الفقراء. وبعد حصوله على شهادة الدكتوراة من أمريكا وعودته إلى بنجلاديش أدرك الظروف الصعبة التي يعاني منها أبناء وطنه والتي وصلت إلى حد المجاعة عام 1974 ، و خلفت ما يقرب من مليون و نصف قتيل. لذا، أيقن يونس أهمية حصول الفقراء على قروض للقيام بأعمال تدر عليهم دخلا ينتشلهم من الفقر. فمضى يحاول إقناع البنك المركزي أو البنوك التجارية بوضع نظام لإقراض الفقراء بدون ضمانات، وهو ما دعا رجال البنوك للسخرية منه ومن أفكاره، زاعمين أن الفقراء ليسوا أهلا للإقراض. لكنه صمم على أنهم جديرون بالاقتراض فقام بتأسيس بنك جرامين (القرية) في مطلع ثمانينات القرن الماضي وواجه محمد يونس وزملاؤه الكثير من الحروب في ذلك الوقت سواء من حركات يسارية عنيفة أومن رجال الدين المحافظين والذين أفتوا بـأن النساء لا يجب أن يدفنوا على الطريقة الإسلامية إذا اقترضن المال من بنك جرامين. أما اليوم، فيعمل بالبنك نحو 22 ألف موظف ليقدموا خدماتهم لحوالي 45 مليون عميل. ويعد برنامج "الأعضاء المتسولين"، من أكثر البرامج الإنسانية والإستثنائية التي يقدمها البنك لعملائه، إذ يقدم قروضا بدون فوائد لمساعدة المتسولين على بناء قدراتهم المالية، حتى لا يضطروا إلى التسول مرة أخرى، ونجح البنك في مساعدة أكثر من 21 ألف شخص على التوقف عن التسول وأصبحوا مكتفين ذاتيا. وتماشيا مع مشروعات مواجهة تغير المناخ، نفذ البنك برنامجا جديدا لزراعة الأشجار، ونجح في زراعة أكثر من 206 ملايين شجرة حتى عام 2023. و توسعت أنشطة البنك وفروعه ليس داخل بنجلاديش فقط، بل امتد ليقدم خدماته في العديد من الدول من بينها (ماليزيا والفلبين ونيبال والهند وفيتنام).  والمدهش، أن امتدت أنشطة بنك جرامين أيضا لتصل إلى الدول الغنية، ومن بينها الولايات المتحدة. فهناك، إذ يوجد 19 فرعا للبنك في 11 ولاية، وقد قدم خدماته لنحو 100 ألف امرأة وفقير أمريكي بالطريقة نفسها التي يعامل بها أقرانهم في بنجلاديش.

و في عام 2006 حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام. و قد جاء ضمن حيثيات اللجنة التي اختارته لتلك الجائزة ما يلي:  « أظهر محمد يونس نفسه كزعيم نجح في ترجمة الرؤى إلى إجراءات عملية لصالح الملايين من الناس، ليس فقط في بنجلاديش، لكن أيضا في العديد من البلدان الأخرى. قد تبدو فكرة منح قروض للفقراء دون أي ضمان مالي مستحيلة. لكن منذ بدايات متواضعة قبل ثلاثة عقود، ومن خلال بنك جرامين قبل كل شيء، جعل محمد يونس من القروض الصغيرة أداة أكثر أهمية من أي وقت مضى في الكفاح ضد الفقر». ومن جانبه أعلن محمد يونس أنه سيستخدم جزءا من نصيبه في الجائزة (1,400,000 دولار) لإنشاء شركة لتقديم تكلفة منخفضة للمواد الغذائية للفقراء. في حين ذهبت بقية الجائزة لإقامة مستشفى العيون للفقراء في بنجلاديش. وبالإضافة إلى نوبل، حصل محمد يونس على وسام الحرية الرئاسي، وميدالية الكونجرس الذهبية، وجائزة سيمون بوليفار الدولية، و50 درجة دكتوراة فخرية من جامعات في 20 بلداً، بالإضافة إلى العديد من الجوائز العالمية الأخرى. أما في بلده بنجلاديش فتم الحكم بحبسه في مطلع العام الحالي في قضية ملفقه لأبعاد سياسية قبل ان يأتوا به محمولا على الأعناق ليقود الدولة.

ولمحمد يونس العديد من المؤلفات، لعل أشهرها كتاب الأصفار الثلاثة الذي يوضح فيها رؤيته لتحقيق صفر بطالة وصفر فقر وصفر انبعاثات كربونية. الآن وقد تولى مقاليد الحكم، فهل ينجح في تحقيق أصفاره الثلاثة؟

 
 
 

Comments


Search By Tags
Who Am I?

Dr. Amr Kais is a participating faculty at the AUC, a designated lecturer of various institutions, a Certified Management Consultant & Coach, also the founder and MD of Ipsos Egypt which is now the largest research company in Egypt and Middle East.

Other Posts
More on the web
Follow Me
  • Facebook Basic Black
  • Twitter Basic Black
  • Black YouTube Icon

© 2016 Amr Kais

bottom of page